قتلت عناصر أجهزة أمن النظام السوري في مدينة اللاذقية يوم الخميس شابا، وأصابت عددا من أصدقائه أثناء مداهمتها منزلا اختبؤوا فيه عن أعين المخابرات في حي الرمل الجنوبي، خوفا من اقتيادهم للخدمة في جيش النظام.
جاء ذلك أثناء حملة دهم واسعة شنتها مختلف مكونات النظام الأمنية في مدينة اللاذقية على حي الرمل الجنوبي، حيث اعتقلت العشرات من شباب الحي لسوقهم للقتال في صفوف جيش النظام.
أبو الوليد -وهو من أبناء الحي- تساءل عما يريده النظام من أبناء الحي قائلا “ألم يكتف هذا النظام المجرم بالمجازر التي ارتكبها بحق سكان الحي أثناء مظاهراته السلمية، واعتقاله لكل شاب طالب بالحرية؟”.
واستغرب أبو الوليد في حديثه للجزيرة نت تصعيد النظام حملاته على الحي بعدما التزم سكانه الهدوء خوفا على حياتهم، وأشار إلى أن أجهزة أمن النظام أحكمت قبضتها الأمنية عليه، ومنعت أي مظاهر معارضة.
وتجدر الإشارة إلى أن غالبية سكان الحي الواقع إلى الجنوب من مدينة اللاذقية هم من الفلسطينيين، إضافة إلى مهجرين من ريفي اللاذقية وإدلب، ويشتركون جميعا في معارضتهم للنظام.
وكان الحي قد شهد في العام الأول من عمر الثورة السورية مظاهرات سلمية حاشدة أنهاها النظام بالقوة، حيث اقتحمت قواته الحي بالمدرعات في أكتوبر/تشرين الأول 2011، وارتكب مجازر راح ضحيتها عشرات المدنيين.
حوادث متكررة
ولم تكن حادثة قتل الشاب في الرمل الجنوبي الأولى في المدينة، حيث قتلت عناصر أمن النظام شابا آخر الأسبوع الماضي بعدما أطلقت عليه دورية راجلة الرصاص عقب فراره أمامها في شارع القوتلي عندما طلب أحد عناصرها بطاقته الشخصية.
عبر أبو صالح -والد الشاب- عن حزنه لمقتل ابنه دون ذنب، وقال للجزيرة نت “ابني طالب جامعي وليس مطلوبا للخدمة الإلزامية، فهو مؤجل دراسيا، لقد خاف ككل سوري من طلب الأمن لهويته، وكان نتيجة ذلك أنه بات جثة تحت التراب”.
وأشار إلى أن النظام يعامل سكان المدينة المحسوبين على المعارضة بوحشية، ورجح أن يكون سبب التصعيد بحقهم راجعا إلى رغبة النظام في زرع الرعب في نفوسهم بغية دفعهم للهجرة، تمهيدا لإقامة دولته الطائفية في الساحل.
اعتقالات ومخاطر
من جهتها وثقت وكالة قاسيون للإعلام اعتقال النظام 147 شابا خلال عشرة أيام في مدينة اللاذقية، وأشار مسؤول التوثيق في الوكالة -ويدعى خالد- إلى أن الاعتقالات جرت بحق الشباب في سن التجنيد لسوقهم إلى الجيش.
وأكد خالد في حديث للجزيرة نت أن النقص الكبير في أعداد جيش النظام بسبب مقتل الكثير منهم في المعارك مع فصائل المعارضة، دفعه لشن حملات دهم واعتقال بحق الشباب، مشيرا إلى أنه لم يستثن طلاب الجامعات المؤجلين دراسيا.
من جانب آخر ذكر الناشط عبد الرزاق -من أبناء اللاذقية- أن أغلب شباب المدينة بات ميتا أو معتقلا أو مهاجرا فرّ من ملاحقة النظام، وقال للجزيرة نت “فرغت المدينة من شبابها، ولم يتبق فيها إلا الشبيحة، وباتت النساء تمارس أعمال الرجال”.
هذا ما دفع مصطفى -وهو باحث اجتماعي- لدق ناقوس الخطر من “تحول اللاذقية إلى مدينة نسائية”، ولفت إلى أن انعكاسات ذلك سلبية للغاية مستقبلا، حيث سيحدث خلل بنيوي في تركيبة المجتمع، يحتاج سنوات طويلة لمعالجته.
الجزيرة – وطن اف ام