حذر الخبير في الآثار والباحث في جامعة “السوربون” الفرنسية، أنس المقداد، من مخاطر طمس المعالم الأثرية التي تعود للحقبة الأموية في مدينة حلب، معربا عن توجسه من العبث المقصود بهذه المعالم دون غيرها من الآثار التي تعود لحقب تاريخية أخرى، من قبل إيران ومليشياتها، بحجة إعادة ترميمها.
تحذير المقداد جاء عقب أنباء عن اتفاقيات بين نظام الأسد وبين مؤسسة “الآغا خان” التي تتهم بمحاباتها للأسد ولإيران، لبدء عمليات ترميم الآثار في حلب.
وفي هذا الصدد، قال المقداد: “لقد دخلت المؤسسة (الآغا خان) إلى ميدان ترميم الآثار بالاتفاق مع نظام الأسد المسيطر عليه من قبل إيران، على حد قوله.
وأوضح المقداد أنه “تاريخيا، هناك حالة عداء طويل بين إيران الفارسية وبين الدولة الأموية، وهذه الحالة لا زالت مستمرة لدى إيران لوقتنا الحاضر، بدليل استحضار المليشيات الإيرانية للشعارات الثأرية التي تعود لتلك الحقبة”.
وأضاف المقداد: “لقد كان الصراع الحضاري حاضرا في القضية السورية ونجم عنه تدمير النظام ومن خلفه إيران للمعالم الأثرية الأموية في حلب، ومن أبرزها مسجد بني أمية الذي يعود للقرن الثامن بحلب الذي تم استهداف المئذنة فيه بشكل متعمد في العام 2013”.
وأكد المقداد، رئيس قسم الآثار في جامعة حلب سابقا، أن هناك مؤشرات تؤكد بوضوح عبث المليشيات الإيرانية بآثار حلب، وخصوصا الأموية منها، لافتا إلى احتواء حلب على معالم أثرية كثيرة “ولا حصر لها”، كما قال.
وعن إعادة ترميم الآثار والاتفاقيات التي يجريها النظام، أعرب المقداد عن أسفه الشديد لحصر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”؛ تعاملها بشأن الآثار بنظام الأسد، والعمل وفق مقترحاته.
وفيما اعتبر المقداد أنه “من المبكر الحديث عن إعادة ترميم دون أن تضع الحرب السورية أوزارها”، شدد على ضرورة وضع خطة ودراسات متكاملة لترميم آثار حلب.
وتساءل: “كيف يمكن أن يحافظ الأعداء على تراث عدوهم، وكيف يمكن لمن دمر الآثار أن يوكّل بمهمة بترمميها؟”.
وفي السياق ذاته، أشار الباحث الأثري إلى عدم تجاوب منظمة اليونسكو مع المشروعات والدراسات المتكاملة التي قدمتها فصائل الثوار في وقت سابق لحماية الآثار والأسواق القديمة في مدينة حلب.
ورأى المقداد أن نظام الأسد يستغل الملف الأثري، من بين ملفات أخرى سياسية وإنسانية، ليعيد تأهيل وإنتاج نظامه بالتعاون مع المجتمع الدولي والشرعية الدولية، وفق قوله.
وقال المقداد: “ما حدث بحلب القديمة من تدمير “كارثة وسط صمت عالمي”، مضيفا: “لقد تعرض المنازل القديمة والمساجد والكنائس والخانات والأسواق القديمة المسقوفة التي يبلغ طولها نحو 15 كيلومترا”.
واختتم بالإشارة إلى أن حلب تعتبر من بين “المدن الحية” القليلة عالميا، التي بقيت الحياة فيها مستمرة على مر العصور، أي منذ خمسة آلاف سنة قبل الميلاد حتى يومنا الحاضر.
ومؤخرا وضع صندوق رعاية المباني الأثرية العالمية، وهي منظمة غير حكومية مقرها نيويورك، أسواق حلب القديمة ضمن قائمتها التي تصدر كل سنتين، من بين 25 موقعا أثريا آخر ينبغي حمايتها عبر العالم.
وطن اف ام / عربي 21