العواصف الثلجية وموجات الصقيع هي آخر ما يتمناه السوريون وهم يستقبلون شتاءهم الرابع في عمر الثورة، فمن محاصرين منعت عنهم وسائل التدفئة من وقود وكهرباء إلى نازحين لا يملكون ثمن ما يدفع البرد عن أطفالهم.
ورغم انخفاض أسعار النفط عالميا فإن ارتفاع الطلب على مادتي الغاز والمازوت سبب ارتفاعا في أسعارها في السوق السوداء في العاصمة دمشق، فالأسواق الحكومية ونقاط البيع الرسمية لا توزع منتجاتها في مناطق النزاع أو التي تقع تحت سيطرة المعارضة.
وباستثناء مدن وأحياء نفوذ النظام وتجمعاته الرئيسية من صحنايا إلى المزة إلى ضاحية الأسد فعدرا، فإن المشتقات النفطية في المناطق الأخرى -إن توفرت- تباع في السوق السوداء عبر سماسرة وموظفين مؤيدين للنظام وعناصر من الشبيحة، والأسعار وفق كل منطقة، ودائما حسب درجة الولاء للنظام.
الذهب الأسود
في جوبر المحاصرة وصل سعر المازوت إلى 2400 ليرة للتر الواحد حوالي 13 دولارا أميركيا (2400 دولار للبرميل) مقابل أربعمائة ليرة سورية في دوما و350 ليرة في معضمية الشام والزبداني و450 ليرة في داريا و250 ليرة في الزبداني، فيما لم يتخط سعر اللتر في صحنايا والمزة 135 ليرة، وتحسب الأخيرتان معاقل للضباط والجنود والمليشيات التابعة.
ووفق مصادر مقربة من إدارة الشركة السورية لتخزين وتوزيع المحروقات (سادكوب) فإن 32 ألف لتر توزع يوميا في “المزة 86 والمزة مدرسة” لسد احتياجات سكان المنطقة ذات الأغلبية المؤيدة للنظام، بمعدل عشرين لترا يوميا للعائلة الواحدة وتغطي احتياجات 17 ألف أسرة في منطقة جبل المزة.
وبحسب المصدر نفسه، فإن مادة الغاز توزع في المراكز المعتمدة بمراكز البرامكة والمؤسسة الاستهلاكية في المزة ومركزي الفاتح والجمارك بسعر 1050 ليرة للأسطوانة، فقط لمن يحملون بطاقات تموينية.
يشير غالب (اسم مستعار) -وهو أحد النازحين من أحد أحياء جنوب دمشق ويقيم في “مزة فيلات متصلة”- إلى أن أغلب المشتقات النفطية الفائضة عن سكان الجبل تباع في السوق السوداء بأحياء دمشق الأخرى بأسعار متفاوتة.
ويرى غالب أن “أغلب أسر النازحين هي أسر عاطلة عن العمل تعيش على المعونات، ولا تستطيع دفع ثمن المحروقات بأسعار مضاعفة، بينما ينعم المؤيدون للنظام بكل خدمة متوفرة”.
خيارات بديلة
أم كامل -سيدة نازحة تقيم في الزبلطاني مع زوجها وأولادها الأربعة- لجأت إلى استخدام شقة غير مكسية بجوار شقتها لأغراض الطبخ والتدفئة بطرق بدائية.
وتشير السيدة إلى أنها تقضي نصف نهارها على الأقل في جمع عيدان الشجر وأخشاب البناء وبعض الورق والنايلون لإضرام نار الموقد البديل عن الغاز الذي لم يدخل بيتها منذ أشهر خلت.
في بعض المناطق التي تتخطى فيها المحروقات سعرها المنطقي يلجأ أغلب المدنيين إلى شراء الحطب بسعر يتراوح بين 25 و40 ألفا للطن الواحد لخشب الزيتون، فيما تواجه مناطق أخرى تكاد تخلو من الغطاء النباتي -كما هو الحال في منطقتي جوبر والزبلطاني- مشكلة في تأمين أخشاب التدفئة.
وتلجأ أغلب الأسر في المناطق المحاصرة إلى استعمال المواد البلاستيكية والملابس والأثاث القابل للاشتعال، ورغم الأضرار الناتجة عن دخانها على الأطفال فإن لا خيار بديلا أمام موجة البرد.
وتشهد دمشق منذ فجر أول أمس الأربعاء عاصفة ثلجية قوية، بدأت بالانحسار تدريجيا ظهيرة هذا اليوم، وغطت الثلوج بلدات ومدن الريف الدمشقي التي تعاني من حصار عسكري خانق تفرضه قوات الأسد منذ أشهر.
الجزيرة – وطن اف ام