قالت صحيفة فيلت الألمانية إن تنظيم الدولة بصدد توسيع سيطرته على منطقة جنوب شرق آسيا، على الرغم من تراجعه في الرقة والموصل.
وأشارت الصحيفة، إن الصور التي يظهر فيها مقاتلو التنظيم وهم يرتدون اللباس الأسود ويتحركون في سيارات رباعية الدفع ويحملون راية التنظيم، لم تعد الآن تأتي من الرقة والموصل، بل من جنوب الفلبين، حيث أوجد التنظيم لنفسه موطئ قدم قبل شهر، مثبتا بذلك أنه بات تنظيما عالميا.
واعتبرت الصحيفة أن الحكومة في الفلبين عاجزة عن مواجهة هذا التنظيم، رغم قلة موارده، حيث يسيطر على مدينة بأكملها منذ أسابيع، وهو ما استغله مقاتلوه في سوريا والعراق من أجل رفع المعنويات.
وسيطرت مليشيات مسلحة تابعة لتنظيم الدولة، في نهاية شهر أيار/ مايو الماضي، على مدينة ماراوي التي يقطنها 200 ألف نسمة. ومنذ ذلك الوقت، تتواصل المعارك بين القوات الحكومية الفلبينية والمسلحين، فيما اضطر 90 في المئة من السكان المسلمين في هذه المدينة إلى الفرار، جراء الحصار والمعارك. أما العالقون داخل ماراوي، فقد تعرضوا للتجنيد القسري من قبل التنظيم، أو تم استخدامهم كدروع بشرية، وفق الصحيفة.
وذكرت الصحيفة أن الرئيس الفلبيني، رودريغو دوتيرتي، كان أعلن حالة الحرب في إقليم مينداناو، الذي توجد فيه مدينة ماراوي. لكن استراتيجيته العسكرية كانت فاشلة لحد الآن، كما أن الدعم الذي أرسلته الحكومة الأمريكية لم يجد نفعا، على الرغم من أن مقاتلي التنظيم لا يتجاوز عددهم 500 عنصر بحسب التقديرات.
ونقلت الصحيفة عن فيليكس هايدوك، من المؤسسة الألمانية للعلوم والسياسة، قوله إن “أربعة عقود من الحرب الأهلية المتواصلة في الفلبين خلقت بيئة ملائمة لانتشار إيديولوجيا تنظيم الدولة، خاصة أن إقليم مينداناو يعاني من غياب التنمية، وانتشار الفساد والبطالة. وقد فشلت اتفاقيات السلام العديدة التي أبرمت سابقا بين الحكومة وأبناء الإقليم، وهو ما يعني أن الوضعية هناك تشبه إلى حد كبير ما كانت عليه في العراق وسوريا قبيل ظهور تنظيم الدولة”.
وذكرت الصحيفة أن هذه المنطقة شهدت صعود مجموعات مسلحة منذ سنوات السبعينيات، التي كانت تعتمد في تمويلها على اختطاف الأجانب والحصول على الفدية، ومن أبرزها جماعة “أبو سياف”.
وتجدر الإشارة إلى أن جماعة “أبو سياف”، التي كان يقودها إسنيلون هابيلون (أبو عبد الله الفلبيني)، كانت من أولى الجماعات الأجنبية التي انضمت لتنظيم الدولة، والتي بايعت قائده أبا بكر البغدادي في سنة 2014. وفي سنة 2005، أعلنت جماعة أخرى تدعى الدولة الإسلامية في لاناو انضمامها إلى التنظيم.
وبحسب الصحيفة، فإن شعور سكان هذه المناطق بالإحباط؛ بسبب فشل المفاوضات مع الحكومة في مانيلا، هو ما يدفع هذه الجماعات لتبني خطاب أكثر تشددا، ويمهد لقبول أفكار تنظيم الدولة. وفي هذا السياق، قال هايدوك إن “العديد من السكان في إقليم لينداناو يتعاطفون مع تنظيم الدولة وفكره السلفي، وينظرون إليه على أنه المخلّص من المشاكل التي يعانون منها”.
وأشارت الصحيفة إلى أن هناك فائدة مشتركة لكلا الطرفين، حيث إن هذه المجموعات المسلحة في جنوب شرق آسيا تستفيد من القدرات الدعائية ومنصات الإعلام التابعة لتنظيم الدولة، الذي يستفيد بدوره من نجاحات هذه المجموعات الصغيرة؛ حتى يرفع معنويات مقاتليه الذين يواجهون صعوبات كبيرة في سوريا والعراق.
وقالت الصحيفة إن فكر تنظيم الدولة آخذ في الانتشار في دول أخرى في جنوب شرق آسيا، على غرار ماليزيا وتايلند وإندونيسيا. وقد أعلنت الحكومة الإندونيسية أن تنظيما مسلحا في جزيرة سولاويزي انضم إلى تنظيم الدولة، وقد شن خلال العام الماضي عدة هجمات متفرقة في أنحاء البلاد.
وأضافت الصحيفة أن هناك جماعات إسلامية أخرى في شمال ماليزيا وجنوب تايلند، كانت تقاتل من أجل الانفصال منذ سنوات، وأعلنت في الفترة الأخيرة ولاءها لتنظيم الدولة. وعلى الرغم من أن هذه الصراعات متواصلة منذ سنوات طويلة بين الحكومات والانفصاليين، إلا أن دخول التنظيم على الخط سيعقّد الأوضاع أكثر.
وأشارت الصحيفة إلى مشكل آخر تواجهه إندونيسيا وماليزيا، وهو التحاق 1800 مقاتل بصفوف تنظيم الدولة منذ سنة 2014. وشكل هؤلاء المقاتلون القادمون من جنوب شرق آسيا وحدة عسكرية تسمى كتيبة نوسنتارا. وفي الوقت الراهن، تخشى الأجهزة الأمنية من عودة هؤلاء إلى بلدانهم، حيث سينضمون إلى باقي المجموعات المسلحة وينشرون الفكر المتطرف.
ويقول هايدوك إن “الفكر المتطرف لتنظيم الدولة لن ينتهي حتى بعد القضاء على وجوده الفعلي في الشرق الأوسط، إذ إن هذه الإيديولوجيا التي تعتبر أن إقامة دولة إسلامية هي الحل الوحيد لجميع المشاكل مثل الفقر والتخلف، ستظل قائمة في أذهان الكثيرين. ولذلك فإن تحقيق السلام والتنمية هو الحل الوحيد لمواجهة هذا المد”.
وطن اف ام / عربي 21