مع ميلاد الثورة السورية في 2011، ولدت الطفلة “نور ستوت” في مدينة حلب، شمال غربي البلاد، لترضع الولع برياضة “الكاراتيه”، حتى بات حلمها حاليا، أن تتوج بطلة للعالم، مستقبلا.
ومنذ الأسابيع الأولى، لمحاولاتها المشي، أراد والداها، اللذان يحترفان “الكاراتيه”، أن تُمارس هذه الرياضة القتالية، وشرعا في تدريبها، رغم تبعات الحرب من حصار وقصف.
وكانت نور تتلقى التدريبات على يد والدها، بمعية أطفال آخرين، في ناد صغير بمدينتها.
وتحكي الطفلة كيف أن والدها كان يصطحبها إلى النادي عندما يتوقف القصف، وفي حال استمر، تتلقى تدريبها في المنزل.
أما والدها “وسيم ستوت”، يشير إلى أنه وزوجته، بحكم عملهما كمدربين “كاراتيه”، أرادا زرع حب هذه الرياضة في طفلتهما.
ويضيف “ستوت”، الحاصل على الحزام الأسود في “الكاراتيه”، أنه كان يتناوب وزوجته على تدريب طفلتهما، فأحيانًا تشرف الأم على تدريبها في المنزل، وأحيانًا أخرى يصحبها الأب إلى النادي.
ويحرص الزوجان أيضا، على أن تشاهد طفلتهما عروض “الكاراتيه”، عبر مقاطع على موقع “يويتوب”، باعتبار أن المشاهدة تسهم في تنمية المواهب وصقلها.
والعام الماضي، يقول الوالد، “أُجبرنا على ترك حلب، ضمن عملية التهجير القسري، وانتقلنا إلى بلدة كفركرمين في ريف حلب الغربي، ومع ذلك واصلنا تدريبا نور”.
وتحت وقع التهجير القسري، الذي شهدته مدينة حلب، العام الماضي، اضطرت عائلات سورية إلى ترك منازلها، واللجوء إلى مناطق في إدلب وريف حلب الغربي، خوفا من كثافة القصف الجوي لطائرات الأسد.
وعند الوصول إلى بلدة “كفر كرمين”(تقع بريف حلب الملاصق لمحافظة إدلب) بدأ والد الطفلة بالبحث عن مكان لتدريبها، فوجد بيتًا مهجورًا مدمرًا محاطًا بالركام، فخصصه لإجراء التمارين لابنته، حيث يقضيان فيه وقتًا طويلًا يوميًا، كما يقول الأب.
واليوم، فإن نور معروفة لدى الكثير من سكان المنطقة، إذ يتم دعوتها لتقديم عروض، في الفعاليات المُقامة لأجل الأطفال.
لكن لم يكن سهلًا بالمطلق، حصول نور على بدلة تبلسها، خلال عروض الكاراتيه التي تقدمها.
وعن ذلك، يروي “ستوت” قصة العثور عليها، قائلا “سألت أحد محلات بيع الألبسة المستعملة عن بدلة كاراتيه، فأجاب بالنفي”.
بعدها، يستطرد الوالد، “بادرت بالذهاب إلى مخزن الألبسة الخاص بالمحل، وبعد البحث الطويل، بين الألبسة المستعملة، المكومة بعضها فوق بعض، تمكنت من العثور على واحدة، وشعرت بفرح شديد”.
ورغم أن سعر البدلة كان “مرتفعا” مع ضيق الوضع المعيشي، إلا أن مدرب الكاراتيه أصرّ على شرائها، لأنها “ربما تكون الوحيدة التي يمكن الحصول عليها في المنطقة”.
وبجانب ذلك، عانت الأسرة، خلال السنوات الماضية، لتوفير مستلزمات التدريب الأخرى، مثل الحبال والأخشاب، فضلا عن استخدام أغطية الشتاء، عوضا عن السجادة الرياضية.
لكن ما يحفز الوالد جعل ابنته وأقرانها “بداية جميلة لسوريا الجديدة”.
وطن اف ام / الأناضول