يروي شهود عيان في منطقتي الجنوب والبقاع الشمالي أن تشييع عناصر حزب الله الذين يسقطون في سوريا بات أمرا شبه يومي، وهذا ما لم تعتده القرى والبلدات حتى في خلال مقاومة قوات الاحتلال الاسرائيلي.
وتترافق مظاهر التشييع مع بلبلة في داخل الأوساط الشيعية حتى المؤيدة منها لحزب الله. فقد رصدت صحيفة القدس العربي حالات امتعاض لدى بعض العائلات من تجنيد حزب الله شبانها والزج بهم في القتال خارج أرضهم اللبنانية.
وفي هذا السياق لوحظ أن شقيقة أحد العناصر الذين استدعاهم حزب الله مجدداً بعد حوالي سنتين على مقتل شقيقها في المعارك الدائرة في سوريا كتبت علناً على صفحتها في الفايسبوك ما يلي: لطالما رفضت مشاركة إخوتي في القتال إلى جانب حزب الله في سوريا، وسأبقى أرفض ما دمت حية. لم يحدث أن ضربني قلق معذب كهذا القلق. يطاردني احتمال الخسارة وأنا أمامه بطيئة الخطى، خائرة. منذ جر الحزب إخوتي إلى المعركة، ما عدت أجيد حياة طبيعية. اسود الكون في عيني الجاحظتين في الآتي المرعب. لوي الظهر مرة، فكيف أرغم على انكسار آخر؟ حتى أني أشاء الآن لو لم أولد. لو أني حجر. أو صدى. أو قوة هائلة تمسح دمع البشرية وتبلسم الألم. قوة تمسك بأقدام أخوتي لئلا يسرعوا نحو الموت.
وكانت معلومات كشفت ان مكاتب حزب الله الرئيسية في حارة حريك بالضاحية بدأت تقوم بحملات تجنيد معظم عناصرها من القاصرين، وبدأت الحملات عبر المساجد والحوزات الدينية الشيعية لتشجيع الفتيان على الالتحاق بالواجب الشرعي والمحاربة والتضحية بحياتهم على مذبح الدفاع عن ولاية الفقيه.
يترافق ذلك الشعور مع تذكر الأمين العام السابق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي بنوع من الأسى والأسف كيف كانت سياسة الحزب إبان تأسيسه تقوم على استنهاض كل الأمة العربية لتحرير فلسطين قبل أن تتحول إيران إلى استثمار القتال ضد العدو الصهيوني في ساحات أخرى ليس لها علاقة بفلسطين؟
ووضع الطفيلي إصرار الحزب على خوض معارك القلمون في إطار خوف قيادة حزب الله من انهيار نظام بشار الأسد في دمشق. فأرادت بالتالي أن تحصن موقعها في القلمون لقربه من قرى البقاع الشيعية. إلا أنه حذر في المقابل من نتائج عكسية وكارثة حقيقية على هذا الصعيد، جازماً بأن تحصين هذه القرى لا يكون في الدخول إلى القلمون بل في الخروج من سوريا وإصلاح ما أفسده التدخل فيها .
وتحدث الطفيلي لـ المستقبل عن ظاهرة تجنيد الحزب للمراهقين فقال: عادة يسهل خداع المراهقين واستثارة حماستهم من خلال صورة ملونة على جدار أو في مأتم جميل أو في إطلاق نار في جنازة، لافتاً الانتباه إلى أنه من عادة قادة الحروب إن أعوزتهم الحاجة أن يقوموا بتجنيد هؤلاء.
وأشار في معرض تطرقه للمعارك الجارية على جبهة القلمون إلى أن السيطرة على هذه الجبهة لا تفيد في حسم المعركة مع النظام السوري ولذلك تصب المعارضة جهدها على محورين أساسيين: الأول محور درعا – دمشق حيث يمكن للمعارضة السورية أن تحسم المعركة على السلطة إن هي أخرجت النظام من العاصمة. والثاني محور الساحل السوري حيث الحاضنة الحقيقية للمعركة على مستقبل سوريا ووحدتها.
وتحدثت معلومات عن أن حزب الله يعمد إلى إخفاء عدد قتلاه وتقليص مراسم التشييع من خلال دفن مقاتليه قرب مقام السيدة زينب في دمشق. ونقلت «الأوريان نيوز» عن مصادر موثوق بها أن الحزب عمد إلى الزام مقاتليه كتابة وصية تتضمن “طقوس الاستشهاد” عبر التوصية بالدفن قرب مقام السيدة زينب في دمشق وعدم تواجد سوى الدائرة الضيقة من الاقارب أثناء التشييع. كما تتضمن الوصية طلباً من الحزب بدفع مبلغ خمسين ألف دولار للعائلة فتتحول الوصية وكأنها “فاتورة” شراء أو «عقد» تجاري بين البائع والشاري برعاية إلهية.
وتحدث المصدر عن أعداد كبيرة من القتلى تم دفنهم جوار مقام السيدة زينب بتكتم شديد وبحضور عدد قليل من الأهل والأقارب. ويروي المصدر ان المقاتلين الأحياء الذين ذهبوا إلى مقام السيدة زينب للدفاع عنها من هجمات «التكفيريين»، أصبحوا نواطير قبور يحرسون الموتى ويحضرون “طقوس الشهادة” لمقاتلين جدد قضوا على إحدى الجبهات التي تبدأ بالقلمون وتمر بمختلف المناطق السورية وصولا إلى العراق والبحرين واليمن.
وتفيد تقارير عن لجوء الحزب إلى فتح باب الانتساب أمام 600 عنصر جديد تحت عنوان “التعاقد” في منطقة البقاع وحدها. إلا أن المفاجأة كانت عدم استجابة أكثر من 150 عنصرا جديدا، رغم أن منطقة البقاع تعد الخزان البشري للحزب. وقد شكل الحزب لجنة تحقيق للوقوف على أسباب تمرد وامتناع المؤيدين وأفراد التعبئة عن الانضمام إلى تشكيلات الحزب القتالية، رغم البدلات المالية العالية التي يدفعها الحزب للمقاتلين والتي تتراوح بين 800 و1200 دولار للمقاتل.
المصدر : القدس العربي