يطل الدكتور سلمان العودة في وسمه الثامن بعنوان “لا تقصص وجعك” على الألم السوري الممضّ، يفتح جراحا لم تندمل عبر رسالة طفل مفجوع بأبيه ووطنه، ليبعث رسائل متعددة عن الثورة السورية المخذولة، في عمل تم تصوير معظم أجزائه في مناطق بدمشق وحلب تعرضت للقصف.
ففي نص ينضح شعرية ممزوجة بالألم، يرصد العودة محنة الثورة السورية، حيث يفتح رسالة طفل سوري ليقرأ خاطرة عن الشتات وعذابات الكثير من السوريين رجالا ونساء وأطفالا.. من هذا الباب خرجوا.. قبل شهر.. قبل شهرين قبل شتاءات كثيرة -كما تورد الرسالة وصوت العودة- ربما تلك الشتاءات هي أكبر من أن تعد بموازين العذاب وليس الزمن.
يرصد العودة صوتا وصورة معبرة بمشاهد عالية كيف أن الشتات أصبح الحل في وجه الرصاص والقنابل والبراميل المتفجرة، يحكي تغريبة أسماؤها كثيرة، يحضر فيها الحزن الطفولي والضياع والمستقبل الغائم. تغريبة طفل ينعى الوطن المهشم وينتظر مآلات الثورة وهزيمة الظالم المستبد.
كان الرحيل للكثيرين في الشام بلا فراق، في وقت انهزم فيه قاسيون “حارس المدينة”، فطغى صوت القنابل والرصاص، يئز فوق رؤوس الأطفال. لا شيء يبقى في الصورة سوى ألعاب متناثرة وبقايا كراسات وأدوات مدرسية معفرة بالتراب وحلم لا ينقطع بوطن أبقى وأنقى.
يحكي الشيخ العودة وكاتب النص صالح الفوزان الثورة السورية في مراحلها من عيني الطفل وخطواته ورسائله ورسوماته، التي لا تخلو من براءة تخفي عنه كمْ هو مخذول وكم تتكالب دول ومنظمات على حلمه النقي بمستقبل بلا ظلم واستبداد.
المصدر : الجزيرة نت