هو الزمن الاسرائيلي المفتوح على مداه المتوحش، وسط غياب دولي متزايد ومع الإنهيارات العربية الكارثية، التي يضاف اليها كل ما نسمعه من عنتريات الحديث عن مواجهة اسرائيل، وعن ان سوريا تتحوّل بركة للدماء والدمار، لأن المطلوب بقاء نظامها المقاوم لاسرائيل التي لم يقاتلها يوماً بل يقرع طبول الحرب ضدها.
كان في وسع الفلسطينيين وغيرهم من العرب الذين يعضون على جروحهم الأبدية ان يقرأوا أمس التصريحات المضحكة التي صدرت عن الادارة الاميركية، في سياق الإعتراض على مصادقة اللجنة الفرعية لشؤون الإستيطان في وزارة الداخلية الاسرائيلية وبايعاز من بنيامين نتنياهو وأفيغدور ليبرمان، على مشاريع إستيطانية عدة، في خطوة اعتبرتها صحيفة العدو “يديعوت أحرونوت” نادرة لوقاحتها وشدة تناقضها مع القوانين الدولية.
وكان في وسع هؤلاء قراءة تصريح القنصل البريطاني في اسرائيل الدكتور اليستر مكفيل الذي دان بشدة عمليات الهدم الإسرائيلية المستمرة للممتلكات الفلسطينية، وهو ما يسبب المزيد من المعاناة للشعب الفلسطيني ويضرّ بعملية السلام ويناقض القانون الدولي.
ولكن لم يكن في وسع أحد ان يعثر على تصريح أو إدانة على الأقل من اولئك الذين يقرعون طبول فلسطين ويذبحون الشعوب على اسم القضية، ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة، المعركة التي انتظرناها مدة نصف قرن فإذا بها معركة تدمير المدن والأحياء على رؤوس أهلها من المواطنين العرب.
وهكذا كما تلاقي داريا السورية مصيرها في ظل معادلة النظام وحلفائه : “التهجير او التدمير”، تلاقي قرية سوسيا الفلسطينية في الضفة الغربية مصيرها التهجير الاسرائيلي ثم الهدم الكلي، وليس هناك من يعترض ومن يتمكن من وقف هذه الجرائم، على رغم ان الخطط لبناء أكثر من 500 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية وتشرّيع مستوطنات سابقة، يعني حفر قبر جديد ليس للتسوية السلمية وأوهامها، بل ايضاً لكل الوعود الاميركية المتصلة بالحل السلمي وإقامة الدولتين، وكذلك لكل العنتريات التي نسمعها عن مواجهة العدو الاسرائيلي، المؤجلة دائماً لأننا من يختار زمان المعركة ومكانها!
في طريقه الى الصين أفهمنا باراك أوباما ان هذا التوسيع الكبير للمستوطنات يشكل تهديداً خطيراً جداً ومتزايداً لإمكان تنفيذ الحل القائم على رؤية الدولتين، وأنه منزعج خصوصاً من سياسة الموافقة وبمفعول رجعي على المواقع غير القانونية والوحدات الإستيطانية غير المرخصة، لكن اوباما يدرك جيداً أنه في حمى الإنتخابات الأميركية قد يضطر الى الإتصال بنتنياهو قائلاً: مبروك.
ليس العتب على أوباما ولا على “اللجنة الرباعية” التي تذكرها، لكن كل العتب والغضب ان يتم تدمير سوسيا الفلسطينية، وليس من طيار “مجنون” يكمل الطريق ليلقي قنابله حماية لها بدلاً من تدمير داريا السورية!
المصدر : النهار