منوعات

يهود المغرب يحتفون بفاكهة “الترونج” ويحيون بها “عيد العُرش”

تزدهر تجارة فاكهة “الترونج” (أترج أو كبّاد) بين صفوف المتدينين اليهود، بمختلف دول إقامتهم، خلال موسم جنيها، في فترة وجيزة من العام، تمتد بين شهري يوليو/تموز ومنتصف أغسطس/آب من كل عام، استعداداً لاستخدامها بمراسم الاحتفال بعيد العُرش (المظال)، الذي يحل بين 12 – 19 أكتوبر/تشرين الأول.

وتضم بلدة “أصادص” بمحافظة تارودانت، جنوب غربي المغرب، مزارع تنتج أجود أصناف الفاكهة “المقدسة”، بحسب تجار يهود تحدثوا للأناضول.

ربي يشار ليفي، رجل دين يهودي مقيم في بريطانيا، التقته الأناضول في البلدة، يقول إن”فاكهة الترونج مقدسة، ولها منزلة كبيرة في ديانتنا اليهودية، كما لأضحية العيد منزلة كبيرة لدى المسلمين”.

ويشرح ليفي قائلاً “نحتفى بالترونج خلال شعيرة عيد العُرش، إحياءا لذكرى خيمة السعف التي آوت اليهود في العراء أثناء خروجهم من مصر، وتكون مناسبة للتفاخر فيما بيننا، حسب قيمة كل فاكهة نملكها، ونحرص على أن تكون حبة الترونج سليمة كاملة الجمال لأداء الفريضة، تنفيذاً لتعليمات مقدسة في صحفنا القديمة”.

ويشير ليفي أن بعض الروايات اليهودية التاريخية تقول إن “شجرة الترونج شجرة مباركة ومقدسة حسب الصحف القديمة، وأن عصى سيدنا موسى عليه السلام كانت مصنوعة من هذه الشجرة”.

وفي دراسة أنجزها الباحث الزراعي ليفي، حصلت الأناضول على نسخة منها، فإن ترونج أصادص المغربي أصيل لم يخضع لأي تطعيم، وذو جودة عالمية، والأجود منه يسمى “العروسة”، تصل قيمة الكيلوغرام الواحد إلى 100 دولار.

يقول بلعيد، أحد فلاحي محافظة أصادص، إن “أشجار الترونج، الأجود عالمياً مقارنة مع ما تنتجه مزارع إيطاليا وإسرائيل، حيث تنبت في مزارع دواوير (تجمعات سكانية) إمي نيفري، وتمكنسيفت، وتكركوست (أسماء أمازيغية)، وكلها مناطق جبلية تابعة للمحافظة.

ويوضح بلعيد أن “كل شجرة ترونج تنتج على الأكثر 100 ثمرة متوسطة الحجم، يتم جني غلالها ما بين نهاية يوليو/تموز ومنتصف أغسطس/آب من كل عام”.

ويقبل اليهود بكثرة على اقتنائها من مزارعي أصادص، بثمن يصل 300 درهم (28 دولار) عن كل ثمرة خالية من أية عيوب، متوسطة الحجم سليمة كاملة الجمال لأداء فريضة اليهود، بحسب بلعيد الذي يعتني بنحو 25 شجرة ترونج مملوكة له، وتشكل مورد رزقه السنوي على مدى عام كامل.

ويلفت بلعيد أن الزبائن اليهود “يفرضون شروطاً صارمة على المزارعين بهدف إنتاج مادة جيدة، وهو ما يرهق كاهل المزارع البسيط بتكاليف مادية إضافية يخصصها لاقتناء أدوية باهضة الثمن تفوق 1000 درهم (100 دولار)، بهدف محاربة الطفيليات العالقة بالأشجار، والحصول على منتوج بالمواصفات المطلوبة حتى يكسب رضى وثقة زبائنه”.

وبحسب ليفي الذي يتردد على “أصادص” منذ 42 عاماً، فإن قراها الثلاث يرتادها يهود من دول شتى، من أجل السياحة، والتعرف عن قرب على الفاكهة، والتقاط الصور، مع “شجرتها المباركة” بحسب اعتقادهم، إذ يبدأ اليهود بالتردد على المناطق منذ مايو/أيار، بغية حجز المنتوج في طور تسويقه داخل المغرب وخارجه، وفق سكان المحافظة.

ويشرح بلعيد، أن كمية المنتوج من الفاكهة “المقدسة” تتراوح لدى كل مزارع ما بين 4 آلاف و 10 آلاف ثمرة خالصة متنوعة الجودة. وعن زبائنه اليهود، فهم يحرصون على انتقاء الجيد فقط دون غيره، حيث يعملون على تصنيف الترونج إلى ثلاثة أصناف، ولكل صنف ثمنه الخاص بحسب جودته.

أما دانيال بادوخ، أحد مصدري الترونج في محافظة “تارودانت”، فيقول “يتم تعليب الفاكهة داخل معمل وحيد يقع بمحافظة أولاد تايمة (شمال تارودانت)، وتسوّق في إسرائيل وأمريكا”.

ووفق ليفي، فقد ارتبط الترونج بتلك المنطقة، نظراً لكون اليهود استقروا فيها، وكانوا يمارسون التجارة لقرون.

بدوره يتحدث إسماعيل بن ألهيان، أحد سكان المدينة “غير أنه مع نهاية ثمانينات القرن الماضي، تم نقل شتائل من الترونج إلى بلدات مجاورة في مناطق “أيت عياد”، و”أحمر لكلالشة”، و”سبت الكردان”، بمحافظة تارودانت، لاستنباته داخل قرى كبيرة مملوكة ليهود، غير أن هؤلاء لم ينجحوا في الظفر بنفس جودة أصله”.

ويمضي بن ألهيان بقوله “يشكل الترونج مدخولاً سنوياً لكل مزارع، يتراوح بين 14 مليون سنتيم (14 ألف دولار) و 24 مليون سنتيم (24 ألف دولار) سنوياً، تعيل نحو 260 شخصاً من أهالي بلدة مداشر بالمحافظة”.

ويستخدم الترونج في الطب الحديث كفاتح للشهية، ومهضم ومنبه للجهاز الهضمي، ومطهر ومضاد للفيروسات، وقاتل للبكتريا، ومخفض للحمى، ويستخدم كمضاد للبرد، وعدوى الصدر، والحنجرة بالميكروبات، كما يقوي جهاز المناعة، ويساعد في موازنة ضغط الدم، بحسب مراسل الأناضول.

و تسمى هذه الفاكهة عند العرب بعدة أسماء، منها: “الأترج”، و”الأترجة”، و”الأترنجة” ، كما يحمل اسم “تفاح العجم”، فيما يحمل اسمي “الترونج” أو “التنورج” بالأمازيغية لدى ساكني بلدة “أصادص” المغربية.

وبحسب ما ذكرته الخارجية الإسرائيلية، على موقعها الإلكتروني، فإن عيد “العُرش”، أو “سوكوت” باللغة العبرية، يتميز بشعيرتين، أولهما إنشاء مظلة يتم فيها تناول وجبات العيد، وثمة من ينامون فيها، وخلال الأيام الخمسة بين يوم الغفران (يحل في شهر أكتوبر/تشرين أول) و”سوكوت”، يقيم الآلاف من اليهود عُرشًا للإقامة المؤقتة، قرب البيت أو على الأسطح، أو في الشرفات المفتوحة، وذلك استذكارًا للعروش التي عاش فيها بنو إسرائيل في تيه سيناء (شبه جزيرة سيناء شمال شرقي مصر) طوال أربعين سنة بعد خروجهم من أرض مصر، بقيادة النبي موسى عليه السلام، وهم في طريقهم إلى أرض الميعاد”.

أما الشعيرة الثانية في العيد هي “الباقة التي يمسك بها اليهود عند صلاة الصباح، والمؤلفة من سعفة نخيل وبعض أغصان الآس (نوع من الريحان)، والصفصاف”.

{gallery}news/2015/8/1/11{/gallery}

المصدر : الأناضول

 

زر الذهاب إلى الأعلى