حين يقول أحدهم «شو على راسك ريشة؟» فهذا يعني استنكاره لما تحاول أن تُبديه أنت من اختلاف وتفرد يمنحاك الحق في أن تُعامل بشكل أكثر احتراما، ولكن ما أصل تلك الجملة؟ وما تلك الريشة التي تجعل من يحملها أعلى ممن سواه؟
اختلفت الروايات بين الثقافات والحضارات العربية في أصل تلك الجملة، فبعضها يعود إلى عهد الفراعنة، وآلهة العدل والحق «ماعت».
إن لم تكن تعرفها، فالآلهة «ماعت» هي آلهة الحق والعدل والنظام في الكون لدى قدماء المصريين. تُمَثّل «ماعت» بهيئة سيدة تعلو رأسها ريشة النعام رمز العدالة، وتُمسك مفتاح الحياة في إحدى يديها وفي الأخرى صولجان الحكم. وأحيانا كان يُرمز لآلهة الحق والعدل بالريشة فقط.
الريشة كانت أهم ما تملك «ماعت»، وكانت لها مكانتها الخاصة في الحضارة المصرية القديمة، حيث كان قلب الميت يوضع على الميزان في كفة وريشة الآلهة «ماعت» في الكفة الأخرى.
إذا رجحت كفة الريشة، فالميت كان صالحا يستحق النعيم في معتقداتهم، وإذا رجحت كفة القلب فقلبه كان كاذبا ويستحق الذهاب إلى الفناء، على هيئة وحش مفترس، رأسه رأس التمساح وجسمه جسم أسد، والجزء الخلفي له من جسم فرس النهر.
«على راسك ريشة» إذن قد تكون عائدة إلى ذلك العصر، حين كانت الريشة على رأس «ماعت» هي ما تمنحها القدسية والمكانة على حساب باقي الآلهة، هذه رواية قد تَصدُق، ولكن هل هناك روايات أخرى؟
بعيدًا عن الفراعنة، فمثل «على راسك ريشة» قد يرجع إلى أصول تركية.
حيث تقول الرواية أن المثل من أصل تركي فقد كان الأتراك يضعون ريشة على رأس من ينتصر في الحرب، أو لأي إنسان له شأن ومال وعلم، حتى يُصبح معروفا لدى الجميع، فيتم تسهيل أمور حياته إكراما لعلمه وعلو مكانته وشأنه.
وفقا لتلك الرواية، فإن الريشة توضع فقط لمن ارتفع شأنه بالنصر أو العلم أو المال، ويضعها كي يُعامله الآخرون بشكل أكثر احتراما وتقديرا لمكانته العُليا.
رواية أخرى قد يكون لها نصيبا من الصحة، وهي أن السلاطين في العهود القديمة كانوا يضعون ريشة طاووس أو جوهرة ثمينة على مقدمة عماماتهم، فأصبحت صفة تُطلق على الذي يزهو بنفسه ويعتقد أنه أفضل من كل البشر.
اختلفت الروايات وظلت قيمة الريشة ثابتة، من يضعها على رأسه سمو ويعلو فقط على من سواه من البشر، ويستحق التقدير والإجلال.
وفي رواية أخرى أيضاً:
سرقت دجاجة من أحد سكان القرية، فذهب الرجل إلى شيخ الفرية ليشكو له عن حالته ومدى اعتزازه بهذه الدجاجة، فأمر الشيخ بجمع سكان القرية وبدأ يسرد أن دجاجة الرجل سرقت.
وبدأ حديثه بأنه يعرف السارق وأن لم يعترف سوف يفصح عن اسمه أمام أهل القرية، وبات يستشعر بحكمته ردود فعل الناس، حتى بادره واحد من سكان القرية بسؤال « هل أنت تعرف السارق؟ » فأجاب الشيخ بنعم، فقال له هل هو يجلس معنا ؟ فقال الشيخ نعم، فقال الرجل للشيخ وما شكله ؟.
فقال لهم “على رأسه ريشة” في إشارة منه إلى إنه عندما أخذ الدجاجة علقت برأسه ريشة، فقام السارق دون أن يشعر بتحسس رأسه فعرفه الجميع وانكشف أمره، فخرج القول «اللى على راسه ريشة»، ثم تطور بعد ما تداوله الناس وقالوا «اللى على راسه بطحة».