الشاب الحلبي معاذ (20 عاماً) مقيم في برلين منذ سنة ونصف السنة بعدما خسر فرصة القبول في الجامعة على أثر انكشاف تزوير شهادته الثانوية (البكالوريا) جنوب تركيا حيث يقيم قرابة 700 ألف سوري نصفهم بعمر المرحلتين المدرسية والجامعية، ولم يلتحق منهم بالمدارس التركية سوى 180 ألف طالب.
بعد تكسر أحلامه على صخرة التزوير، بدأ معاذ التحضير مجدداً لخوض غمار امتحان الثانوية، وقد خسر عامين من عمره و400 دولار هي ثمن الشهادة المزورة. وكان حصل عليها من خلال أحد أقربائه في مدينة غازي عنتاب، عبر مكتب التحويل والشحن التركي (PTT)، وهو مركز تحويل أموال وبضائع محلي ودولي وتتوزع مراكزه في المدن التركية.
على أن انكشاف محاولة معاذ وبسبب صعوبة تقليد الورق الرسمي المقوّى المستخدم في التزوير، لا ينسحب على عشرات الحالات التي نجح منفذّوها في دخول جامعات من دون وجه حق، بالاستناد إلى مقابلات مع طلاب وخبراء تعليم. فغالبية الشهادات المزورة – حسبما لاحظ معدا التحقيق – تتم طباعتها بواسطة طابعة الحاسوب، وهذا ما يجعل ألوان الأختام مختلفة عن ألوان الختم الحقيقي.
وتتفاوت أسعار الشهادات بين 100 و600 دولار، وفق معدل العلامات، وجودة الأختام والأوراق المطبوعة بها، وسط ضعف رقابة الحكومة التركية وغياب الصلاحيات عن الحكومة السورية الموقتة. ولا يقتصر التزوير على سماسرة وواجهات عقارية، بل يتعدّاها إلى موظفين في الحكومة السورية الموقتة والتحالف الوطني، طردوا من مواقعهم بعد ضبطهم متلبسين. ولاحظ معدا التحقيق استمرار هذه الظاهرة على رغم بناء خطوط تنسيق وتبادل بيانات بين وزارة التعليم التركية والحكومة السورية الموقتة.
أحد الطلاب يؤكد أنه دخل كلية الطب البشري في جامعة غازي عنتاب عام 2014 بشهادة مزوّرة من دون أن ينكشف أمره. يقول هذا الطالب -الذي يمتنع عن ذكر اسمه- إن سهولة تعديل الشهادات في مديرية التربية التركية في غازي عنتاب ساعدته على التزوير، اذ كانت متطلبات المديرية تقتصر على ترجمة الشهادة من العربية إلى التركية وتصديقها لدى كاتب العدل، من دون التأكد من أصالتها. فلم يكن أيّ من الموظّفين يعرف كيفية إثبات صحّة الشهادة قبل انتشار حالات التزوير.
فوضى الشهادات وتزويرها دفعا الدوائر الحكوميّة التركيّة والحكومة السورية الموقّتة إلى اعتماد تدبير أكثر صرامة العام الحالي (2015) للكشف عن التزوير، ويتمثل بطلب تعديل الشهادات الصادرة بعد عام 2012، بعد سنة على اندلاع الثورة السورية.
لكن هذا الإجراء لم يردع مكاتب التزوير التي لا تزال ناشطة.
بالجرم المشهود
تتبع معدا التحقيق سلسلة تزيد على ثلاثين صفحة تنشر إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي وتعرض شهادات من فئات ومستويات متعددة.
وتواصل معدا التحقيق مع أحد «المزوّرين» فعرض عليهما تزوير شهادات بواسطة «أختام حيّة» صنعها في تركيا. وفي مقابلة هاتفية يفتخر المزور بميزة هذه الأختام: «إذا طبعت شهادة بأختام مطبوعة عن طريق طابعة الحاسوب فلن تستفيد منها، فهي ستنكشف فوراً. أمّا في حال طبعت الشهادة وختمت عليها بالختم الحي فكأنّك جلبت شهادتك من مديرية الامتحانات في سورية».
ويقدم معظم أصحاب الإعلانات أنفسهم على أنّهم محامٍون أو موظفون سابقون في إحدى مؤسسات الدولة. وبعد «مفاصلة» مقتضبة، استطاع معدا التحقيق الحصول على شهادة، وحتى بالعلامات المطلوبة مقابل 400 دولار.
ووصف صاحب المكتب عبدو نفسه بأنه «خبير في هذه الأمور» منذ ثلاث سنوات. كما أكد أن أوراقه «نظامية لكنها بلا قيد لدى الحكومة السورية، ما يسمح لها بأن يُعمل بها في أي بلد إلا سورية».
وأبلغ المزور معدي التحقيق بأنّ مكتبه في مدينة كلّس جنوب تركيا، فزاراه في المدينة لكنه طلب منهما الانتظار في موقف سيارات الاجرة. وفي 27-4-2015 صباحاً قدم عبدو ووالده بسيارتهما واصطحبا معدي التحقيق إلى واجهة عملهما. مكتب عقاري من دون لافتة رسمية ولا ترخيص. وبالتزامن دخل المكتب «زبونٍ» آخر طلب منه ثلاث شهادات ثانوية بثلاثة أسماء مختلفة وشهادة جامعية، قبل أن يدفع 1700 دولار «على الحساب». تلقى «الزبون» في المقابل وعداً من صاحب المكتب – عبدو- بأن تكون الشهادات جاهزة بعد يومين.
استفسر معدا التحقيق من عبدو عن طبيعة عمله وآليات التزوير. وبعد أن اكتسبا ثقته واستصدر لهما شهادة جامعية بناء على طلبهما لشخص آخر وتمت طباعتها للتجربة، وافق ووالده على إجراء مقابلة صحافية.
«جنى ولدي عبدو حتى الآن أكثر من 250 ألف دولار من وراء هذا العمل. وفتحنا مكتبين آخرين لأولادي في مدينة مرسين التركية ومدينة إسطنبول»، يقول والد عبدو بزهو. كان يتحدث بثقة بالنفس عن جوازات سفر اشتراها فارغة من موظفين سابقين في الهجرة والجوازات. ويؤكد أن لديه جميع أنواع الأختام الرسمية المطلوبة وأهمها ماكينة طباعة احترافية لطباعة أي صورة أو شهادة. يبدو جواز السفر حقيقياً، و»يستطيع حامله التجوال في أي دولة في العالم باستثناء سورية، فكل ما في الجواز قانوني»، كما يقول، «لكن ليس له رقم قيد، في الدوائر الرسمية السورية».
وتراوح لائحة الأسعار بين600 دولار للشهادة الثانوية والفي دولار للدكتوراه. علماً أن الاجازة تكلف 1200 دولار والماجيستير 1500.
ويرى عبدو أنّ القانون والسيادة غير متواجدين في سورية، فلا يحق لأحد إيقافه أو منعه عن هذا العمل بل عرض على معدي التحقيق «العمل معه في البحث عن زبائن يسعون لنيل شهادات مقابل عمولة». أمّا عن نشاطه في تركيّا، فيعتقد أنّ عامل اللغة «ينجّيني من المساءلة القانونية، فلا أحد من الأتراك يعلم ماذا أعمل».
تنوّع في العرض والإعلان
والواقع ان الحال وصلت ببعض الصحف غير الرسمية الصادرة عن سوريين في تركيا إلى إدراج إعلانات التزوير في صفحاتهم، كصحيفة «هوماكو» الإعلانية، التي نشرت إعلاناً لمكتب يُدعى مكتب «شهبا» يتضمّن عروضاً لتقديم جميع أنواع الوثائق الرسمية ومنها الشهادات الجامعية والثانوية.
وأثار ازدياد حالات التزوير موجة سخط لدى الطلبة السوريين الملتزمين قواعد الدراسة ونيل الشهادات الرسمية. فحسّان الذي يكمل دراسته في جامعة غازي عنتاب يقول إنّ وزارة التربية التركية لم تستطع حتى الآن وضع حدّ لتزوير الشهادات. ويشتكي حسّان من غياب سجل موثّق على الانترنت بجميع السنوات، بل يقتصر على السنتين الماضيتين فقط (منذ 2012)، في غياب جهة مسؤولة عن التوثيق لدى جميع الأطراف سواء كانت تركية أم الحكومة السورية الموقتة أم وزارة التعليم العالي لدى النظام.
ويؤكد حسّان أن أصحاب الشهادات المزوّرة يحجزون مقاعد جامعيّة تحرم أمثاله من مقاعد جامعية في تركيا. فكل جامعة تركية حكومية تعلن عن مفاضلة مستقلة تحدد نظام القبول للطلبة الأجانب، لذا لا يمكن تحديد عدد المقاعد الجامعية المتاحة للسوريين، أو عدد الطلبة، بخاصة أن هناك 160 جامعة تركية موزعة في مختلف المدن، وذلك بسبب فارق المجموع بين الشهادتين، لكنّ الأولى لم يتعب صاحبها حتّى يحصّلها كما شهادة الطالب النظامي.
إقرار رسمي
محمد إبراهيم مدير ممثلية الائتلاف في غازي عنتاب يؤكد «وجود الآلاف من الوثائق المزوّرة سواء في تركيا أم داخل سورية أم في أي دولة أخرى»، لافتاً إلى أن الحكومة الموقتة والائتلاف الوطني السوري ضبطا ما لا يقل عن 40 شهادة جامعية مزورة لدى موظفين موزعين بين الحكومة والائتلاف، عن طريق فريق قانوني مختص استطاع اكتشاف عمليات تزوير الشهادات الجامعية منذ منتصف عام 2014 وحتى شهر حزيران (يونيو) الماضي، وتقرر طرد الذين أساؤوا استخدام وظيفتهم، بحسب إبراهيم الذي لم يحدد عددهم أو مناصبهم.
ويدعو إبراهيم إلى «تشريع الائتلاف من الشرعية السياسية إلى الشرعية القانونية ليصل إلى الأرض ويؤثر على جميع الأطراف»، مقترحاً تشكيل هيئة خاصة للتحقق من الوثائق الخاصة بالسوريين والاعتماد على الوثائق الالكترونية بسبب صعوبة التواصل في الداخل السوري مثل الحلول التي بدأت وزارة التربية التابعة للحكومة الموقتة اتخاذها «البار كود – البصمة الإلكترونية».
وزير التربية في الحكومة الموقتة عماد برق يقول إن الحكومة الموقتة لا تمتلك سلطة لاحتواء التزوير، ذلك أن الموضوع «جنائي بحت ولا يحق لأي طرف سوري التدخّل في حال وجوده على الأراضي التّركيّة».
أمّا معاون وزير التربية للشؤون الإدارية الدكتور عبدالرحمن الحاج، فيؤكد صعوبة كشف الشهادات الجامعيّة المزوّرة، باستثناء شهادات جامعة إدلب التي تمّت السيطرة على كامل بياناتها والمعلومات فيها، بعد تحرير المدينة في 30-3-2015.
ويرى الحاج أنّ سبب انتشار مكاتب التزوير في تركيا دون غيرها يعود إلى «حرية النشاط الممنوح من قبل الحكومة التركية. كما أنّ اختلاف اللغة يمنع تعرّف الأجهزة الأمنيّة التركيّة الى هذه المكاتب وأماكنها». ويكمن الحل في الحصول على بيانات الخريجين والتنسيق مع الحكومة التركية لبحث آلية ضبط عملية التزوير وإعلام الجهات التركية بذلك. وأدّى تنسيق متأخر بين الطّرفين إلى ملاحقة الحكومة التركية لبعض أصحاب هذه المكاتب, علماً إنه لا يوجد عدد محدد لها، ومن الصعب القبض على أصحابها لكونها سرية.
وقدم معدا التحقيق طلباً لوالي غازي عنتاب ومدير شعبة الأجانب في مديرية التربية في المدينة من أجل لقائهما وتم رفض الطلبين.
منهاج ليبي أم سوداني أم عراقي؟
شهادة ائتلاف، شهادة نظام، منهاج ليبي أو عراقي، أو سوداني، هذه هي أنواع الشهادات الثانوية المتوافرة في مدينة غازي عنتاب. وأدّى ذلك إلى وقوع الطالب الثانوي في حيرة من أمره لا سيما أنّ كل معهد يدرّس منهاجاً من الأنواع المذكورة أعلاه يروّج لعمله كي يسجل لديه أكثر عدد ممكن من الطلاب.
لكن طلاباً عديدين يفضلون الذهاب الى مناطق النظام في حلب من أجل تقديم امتحان الثالث الثانوي، كونه معترفاً به أكثر من الشهادات الأخرى كالائتلاف، والليبي.
محمد سعيد أحد الطلاب الذين نالوا الشهادة الثانوية من حلب يقول: «امتلأت الفنادق في حزيران (يونيو) بسبب وفود الطلاب الكبيرة التي وصلت الى مناطق النظام في حلب». وأحدث هذا التدفق «أزمة في الإيجارات حيث ارتفعت بشكل ملحوظ، أنا وكثير من الطلاب درسنا على الشموع بسبب انقطاع الكهرباء المتكرّر».
بالانتقال إلى شهادة الائتلاف التي عرفت بهذا الاسم كونها تصدر من وزارة التربية في الحكومة الموقّتة وبحسب ما أوردته الوزارة على صفحتها الشخصيّة فإنّه تمّ قبول تعديل شهادة الائتلاف في كلّ من تركيا وفرنسا وأميركا وقطر وألمانيا. لكن عانى طلاب كثيرون من مشكلة تعديل شهادة الائتلاف. ويقول علي إبراهيم أحد الطلاب الحاصلين على شهادة ائتلاف في القسم الأدبي: «تنقّلت بين عنتاب وإقليم هاتاي ولم تقبل مديريات التربية التركيّة تعديل شهادتي على رغم أنّ وزارة التربية في الحكومة المؤقتة أعلنت في وقت سابق عن قبول تعديل شهادات الائتلاف في مديريات التربية بتركيا، الآن لا يوجد لدي إلا الانتظار للسنة القادمة حتّى أقدّم على الفحص المعياري علّني أتمكّن من تعديل شهادتي».
في السياق ذاته اهتمّ طلاب بدراسة المنهاج الليبي الذي راج في مدينة عنتاب بين المدارس السوريّة الخاصّة، فهناك أكثر من 15 مدرسة كانت تدرّس هذا المنهاج.
بالحديث مع طلاب كثيرين قال معظمهم أنّ المتطلّبات التعليميّة أصبحت معقّدة والطلاب يدرسون الثالث الثانوي بلا دراسة مصدر الشهادة التي سيتمّ الحصول عليها في ما بعد ليفاجأوا بأنّه لا يمكن تعديلها أو أنّ التعديل يحتاج إلى شروط كثيرة.
وذهب قسم من طلاب الثالث الثانوي السوريين ليسجّلوا في المدارس العراقيّة المفتتحة في عنتاب والتي لا تقبل إلا الحاصل على شهادة نظاميّة تثبت آخر مرحلة وصل إليها من مدرسة معترف بها بحسب كلام مدرسة دار السلام العراقيّة التي تحدّثنا معها في وقت سابق.
وقالت مديرية التربية التركيّة انها لم تنته من إجراءات تسجيل المدارس العراقيّة في سجلات التربية التركيّة لكن الطالب الحاصل على الشهادة من المدرسة بإمكانه أن يكون قادراً على التقدّم للجامعات التركيّة كون الشهادة العراقية صادرة من وزارة التربية العراقيّة أصلاً.
التعديل ومتطلّباته
في البداية كان تعديل شهادات الثالث الثانوي متاحاً لجميع الطلبة السوريين مهما كانت شهاداتهم سواء ليبية أم ائتلاف أم نظام. ويقصد بذلك الذين خضعوا لامتحانات الثانوية الليبية في عنتاب ونجحوا بها، أما الائتلاف فهو منهاج وضعته وزارة التربية والتعليم في الحكومة الموقتة بمساعدة هيئة علم ويشبه محتواه إلى حدّ كبير محتوى منهاج النظام لكن حذف منه الكثير من الدروس، أمّا منهاج النظام فهو يتعلق بالطلبة الذين قدّموا في المدارس التابعة لحكومة النظام في سورية وحصلوا على شهادات ثانوية بعد نجاحهم في الامتحان.
قبل سنة من الآن يقول أحمد شيخو أحد الطلبة المتابعين للتطورات التي تطرأ على التعليم: «كان يمكنك أن تذهب إلى مديرية التربية بعد تصديق شهادتك وترجمتها وتعدّلها بكلّ سهولة، لم يكن الأمر مدعاة قلق للطلاب فالكل واثق بأنّ شهادته ستعدّل على الفور لكن ما حصل أنّ مديرية التربية التركية اشترطت الخضوع لفحص معياري يجري مرة في السنة ضمن الشهر السادس».
ويضيف:»هذه السنة هي الأولى للطلبة السوريين ممن تقدّموا الى الفحص المعياري ونجح معظمهم، أمّا المحتوى الذي يتضمنه الامتحان فهو معلومات عامّة تتعلّق بالفرعين العلمي والأدبي في الثالث الثانوي».
ما سبق جعل الكثير من الطلاب يفقدون الفرص في التقدّم لمفاضلات الجامعات التركيّة هذه السنة بسبب عدم علمهم بوجوب التقدّم للامتحان المعياري الأمر الذي أدّى لخسارتهم سنة دراسيّة كاملة منتظرين الفحص المعياري الذي سيجري في السنة القادمة.
وانتشرت اشاعات كثيرة أخيراً عن بدء التسجيل لامتحان معياري جديد لكن تمّ نفي الأمر من وزارة التربية والتعليم في الحكومة الموقتة.
أعداد اللاجئين والدارسين في عنتاب
تتزايد أعداد اللاجئين السوريين إلى مدينة عنتاب التي شهدت ازدحاماً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، إذ أفاد تقرير صدر عن مجلس المدينة في الشهر الأول من العام الحالي بأنّ عدد اللاجئين في مدينة عنتاب بلغ 315 ألف سوري، نصفهم من الأطفال دون سن 18 سنة.
وفي هذا الخصوص حاولنا التواصل مع وزارة التربية والتعليم في الحكومة الموقتة للحصول على معلومات وأرقام تبيّن عدد الطلاب الذين تقدّموا للتسجيل لامتحانات الثالث الثانوي لكن لم يتجاوب معنا أحد.
في عنتاب أربعة مراكز تعليمية في حين وصل عدد الطاقم التعليمي ممن تلقّى التدريبات الى نحو 600، والطلاب الذين بعمر المدرسة والمسجّلون أصلاً في المدارس 48 ألف طالب وطالبة.
وتتزايد أعداد الطلاب مع انتقال المعارك إلى مدن شمال سورية لتلجأ العائلات إلى تركيا، كما حدث أخيراً في ريف حلب الشرقي وريف الرقة الشمالي وريف الحسكة الشمالي.
اعلانات في الصحف المحلية
بالتزامن مع بدء لجوء العائلات السورية إلى تركيا عام 2011، انتشرت ظاهرة التزوير في مناطق واسعة من حلب وإدلب وريفهما، ثم انتقلت مع اللاجئين إلى المدن التركيّة، في ظل غياب رقابة الحكومة التركية والوجود غير القانوني لأكثرية السوريين. وتأكد معدا التحقيق من هذا الأمر عبر متابعة الصفحات الخدمية في مواقع التواصل الاجتماعي.
انتشرت في البدء صفحات خدميّة تسعى إلى توفير معلومات للوافدين حديثاً إلى تركيا. وبعد فترة، غدت تلك الصفحات مطيّة لإعلانات مكاتب تزوير، كما رصدها معدا التحقيق عبر عشرات الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي.
ورصد معدا التحقيق وجود أكثر من 30 صفحة أسسها مزورون بعض منها يتم الترويج له على «فايسبوك» لجمع أكبر عدد ممكن من الزبائن. وينشر المسؤول عن هذه المكاتب والصفحات أسماء بنات وهمية على «فايسبوك» ليكسب الثقة. وتواصل معدا التقرير مع الفتاة (في الإعلان ادناه) فعرضت عليه خدماتها.
ويندرج الإعلان على إحدى صفحات «فايسبوك» تحت تسمية «خدمات عامّة للسوريين»، وهذا نصه:
نوفر لإخوتنا السوريين لمن لا يستطيع الذهاب أو تقديم الامتحانات شهادات بكالوريا (علمي – أدبي) موثقه ومصدقه 100 في المئة. نوفر أيضاً هويات وبطاقات شخصيه لأي شخص كان. ومن خلال الشركات التي نتعامل معها نستطيع إخراج شهادات خبرة عمل في التسويق لمن يهمه الأمر وشهادات دورات كومبيوتر. توجد لدينا كل الشهادات الجامعية مستخرجه من سورية من جامعة حلب وجامعة دمشق وجامعة تشرين ومصدقة تخرج ولكن غير مقيده (أي لا يوجد لها قيد في سجلات الدوائر الحكومية التابعة للنظام) «فقط لحاملي شهادة بكلوريا علمي – أدبي.
للتواصل والاستفسار يذيّل الإعلان بأرقام متوفرة على واتس اب و فايبر وبالاتصال العادي تمتنع «الحياة» عن إعادة نشرها.
حلول خجولة
تطرح وزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية الموقتة إجراءات سريعة للجم التزوير من خلال منح شهادات ثانوية ممهورة بـ «بار كود» غير قابل للتزوير، على أن تكون قاعدة البيانات الخاصّة به موصولة مع الحكومة التركيّة، كما يقول الدكتور عبد الرحمن الحاج معاون وزير التربية للشؤون الإدارية. وطبّق هذا التدبير فعلياً اعتباراً من 2014.
أمّا الجهات التركيّة، فلم يتمكن معدا التحقيق من الوصول إلى أي منها على رغم تكرار المحاولات مع مؤسسات أمنية (مركز أمنيات غازي عينتاب، ومكتب والي المدينة) ومديرية التربية المختصّة بشؤون الأجانب والسوريين. على أن الوزارة التركية طرحت مطلع العام الدراسي الحالي امتحاناً معياريّاً يقدم الطالب من خلاله فحصاً متكاملاً في يوم واحد لفحص خبرته في مواد العام الدراسي السابق، والذي حصل بموجبه على شهادته الثانويّة.
«البار كود» أو الختم الذكي الذي اعتمدته وزارة التربية في الحكومة الموقتة وبالتنسيق مع الحكومة التركية.
المصدر : الحياة اللندنية