أجبرت حملات الاعتقال، المستمرة من قبل المخابرات السورية بشتى فروعها في العاصمة السورية، مئات آلاف الشباب والرجال على «الإقامة الجبرية» في منازلهم هربا من الاعتقال ورفضا للالتحاق ضمن قوات النظام.
وهكذا شبه توقفت الحركة في شوارع دمشق، في حين أكد الموالين للنظام السوري تغيب ربع أعداد الموظفين عن أعمالهم في مؤسسات الدولة للأسباب نفسها.
الناشط الإعلامي، قاسم الدمشقي، أكد قيام قوات النظام بتشديد الإجراءات الأمنية وعمليات التفتيش الدقيقة للغاية على حواجزها العسكرية المنتشرة داخل الشوارع الدمشقية ومحيط العاصمة، إذ ان ساعات الصباح الأولى – موعد خروج الموظفين والطـلاب – تشهد توقفا شـبه كلي لحـركة المواصـلات جـراء قيام عناصر النظام بالبحث عن الشباب ضمن مواليد الفترة 1978 حـتى 1997 واعتقالهم بشكل قسري وسوقهم إلى مراكز التجنـيد، ومن ثم فرزهم على القطع العسكرية في حماة وحمص وحلب خلال 24 ساعة من تاريخ الاعتقال.
وقال الدمشقي لـ «القدس الـعربي»، خـلال اتصال خاص معه: «لجأت المخابرات السورية إلى تنفيذ الكمائن النهارية والمسائية على مدخل الأحياء الدمشقية، وقيام عناصر الاستخبارات بارتداء الزي المدني وإخفاء بنادقهم الآلية، والتجمع على شكل مجموعات صغيرة «ثلاثة لكل مجموعة»، من أجل طمأنة الشبان المختبئين في المنازل والنزول على الشارع».
«وفي حال شاهدت تلك المجموعات أي شاب أو رجل تقوم باعتقاله ووضعه ضمن سيارة عسكرية مخصصة للغرض. وبعد اعتقال عشرة أشخاص توصلهم السيارة إلى مراكز التجنيد مباشرة، في خطوة أولى قبل نقلهم إلى مراكز الفرز العسكري الموجود في مناطق النبك والدريج في ريف دمشق».
وأشار المصدر – بتجاوز أرقام المعتقلين قسريا خلال الأيام الخمس الماضية من الحملة الآلاف من الشباب والرجال – إلى أنهم «ينقسمون ما بين موظفين وطلاب جامعات وأصحاب أعمال حرة، كالبناء والسائقين والعاملين في الأسواق الدمشقية. كما طالت الاعتقالات الشبان الوحيدين لعائلاتهم المعفوين أصلا من قبل القانون السوري من الخدمة الإلزامية».
واستطرد الدمشقي في القول: «حملات الاعتقال التعسفي، التي تنهي أسبوعها الأول الآن، جعلت سكان العاصمة في رعب حقيقي، وسط انتشار حالة من الهلع والخوف بين عائلاتها نتيجة ممارسات النظام السوري بحق الشباب. والأصعب في الأمر هو الاعتماد على العامل النسائي في تلبية حاجيات المنازل، مما يعني تعرض نساء دمشق للاختطاف من قبل ميليشيات النظام الموالية وإخضاعهن للابتزاز من قبل تلك الميليشيات مقابـل الحصـول على فديـات مـالية كبيـرة». من جانبها أكدت مصادر الإعلام، المقربة من النظام السوري، انعدام الحركة في العاصمة دمشق جراء عمليات الاعتقال، مطالبة الشباب الدمشقي بعدم التهرب من الأجهزة الأمنية والمسارعة بتسليم أنفسهم لها، والقيام بـ»خدمة الوطن ضد الإرهابيين»، على حد وصفها.
كما تداولت مصادر النظام تأكيدات حول تغيب ربع أعداد الموظفين العاملين في مؤسسات الدولة بدمشق عن أعمالهم وتفضليهم البقاء في منازلهم هربا من الاعتقال وعمليات المداهمة التي تطال المؤسسات الحكومية، بحثا عن القادرين منهم على الخدمة الاحتياطية ضمن قوات النظام.
وطالب مئات الموالين للنظام السوري مخابراته بـ»ضرورة القيام بعمليات مداهمة للمنازل واعتقال الشباب الهاربين من خدمة الوطن». وفي الوقت نفسه عقب قسم آخر منهم على ممارسات النظام السوري بالسخرية والاستهزاء. وارتفعت هذه الأصوات لتطالب بتجنيد ابن رئيس الوزراء في حكومة الأسد، وائل الحلقي، ومنعه بداية من «التشفيط» بسيارته الفخمة وسط دمشق.
وقــال آخــرون منتـقدين ســياسة حكومــتهم: «غدا ستـصبح دمشـق عاصمـة النسـاء، لأننا سـنـكون على الجبهات أو منشـغلين على أبـواب الهجـرة والجـوازات للحصول على جـوازات سفـر والرحـيل خــارج البـلاد».
المصدر : القدس العربي