بعد عرضها على خشبة المسرح قبل 38 عاما، انتقلت مسرحية “بالنسبة لبكرا شو؟” للفنان اللبناني زياد الرحباني إلى الشاشة الكبيرة، حيث تمكن محبوه من مشاهدة المسرحية التي حاولت قراءة الواقع اللبناني.
وعرض نجل السيدة فيروز المسرحية في بيروت عام 1978 في أوج بدايات الحرب الأهلية (1975-1990) وقدم فيها قراءته النقدية للنظام السياسي اللبناني آنذاك، وقد وجدت طريقها إلى العرض سينمائيا بعد أن كشف الرحباني أن مسرحيته مصورة وأنه يحتفظ بالأشرطة وفق التقنية التي كانت سائدة في سبعينيات القرن الماضي بغية مشاهدتها لتفادي الأخطاء في عروض لاحقة.
نقد الرحباني
ويرى الناقد الفني والصحفي بيار أبي صعب في عرض المسرحية على الشاشة الكبيرة قيمة مضافة للحياة الثقافية والفنية اللبنانية والعربية.
ويقول إن مسرحية الرحباني التي صورت بكاميرا واحدة ومن زاوية واحدة “قدم فيها نقده السياسي وعبقريته التي اختزلت لحظة سياسية لبنانية وعربية، حيث نرى المجتمع الاستهلاكي بأبهى تجلياته الصارخة”.
ويتابع المتحدث بالقول إن “الرحلة التي قام بها زياد من الخشبة إلى الشاشة بعد 38 عاما ستتيح للجمهور أن يرى ماذا بقي من زياد الرحباني اليوم”.
وقدم الرحباني، المؤلف والموزع الموسيقي والكاتب المسرحي والصحفي والناشط السياسي، في السبعينيات نقدا سياسيا ملتزما للواقع اللبناني. ويقول أبي صعب “للأسف بعد عقود لم يتغير أي شيء من هذا الواقع، فحين نستعيد “بالنسبة لبكرا شو؟” سنكتشف أننا لا نزال نراوح مكاننا”.
أحداث المسرحية
تدور أحداث المسرحية -التي تختزنها ذاكرة أجيال- في حانة بأشهر شوارع بيروت في منطقة الحمرا، حيث يرتادها كل من المثقف ورجل الأعمال والمزارع والعامل والعربي والأجنبي، وتتناول قصة زكريا وزوجته بعد أن انتقلا من القرية إلى المدينة ليعملا في الحانة بهدف تأمين مصاريف عائلتهما وتحسين مستواها الاقتصادي.
وخاب أمل العائلة بسبب غلاء المعيشة، فاضطرت الزوجة إلى مسايرة الزبائن وصولا إلى ارتكاب الزوج جريمة تودي به إلى السجن بعد أن تعقدت أموره الاقتصادية وشعوره بالمهانة.
ويقول الممثل في المسرحية غازاروس أنطونيان -الذي لعب دور “خواجة” يرتاد الحانة- للجزيرة نت إن المسرحية يوم عرضت عام 1978 قدمت “وجع الناس”.
ويضيف أنطونيان “للأسف لا شيء تغير في لبنان. والواقع الذي انتقدته المسرحية لا يزال قائما”.
أعمال خالدة
وقدم زياد الرحباني منذ 1973 وحتى 1994 عدة مسرحيات “سياسية” بامتياز، تناول فيها مختلف قضايا وطنه وأزماته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وكانت باكورة أعماله مسرحية “سهرية” عام 1973، وفي العام 1974 قدم مسرحية “نزل السرور”، حيث أعلن بوضح أن التغيير يحدث بثورة.
وعرض الرحباني في العام 1980 مسرحية “فيلم أميركي طويل”، متحدثا فيها عن لبنان وحربه الأهلية وتدخلات الخارج في شؤونه.
وفي 1983 قدم “شي فاشل” متناولا مسرحية فاشلة بشكل يسخر من تراث وطنه، وحاول في “بخصوص الكرامة والشعب العنيد” عام 1993 والجزء الثاني منها في العام 1994 “لولا فسحة الأمل” تقديم قراءة في المسرحيتين لتوقعاته السياسية المستقبلية للبنان.
المصدر : الجزيرة