منوعات

أسرة سورية من 5 أشخاص نزحت 9 مرات بواسطة دراجة نارية

على دراجة نارية ذات عجلتين، تسمى في عندان، البلدة الصغيرة بريف حلب الشمالي، “موتور”، نزحت أسرة أبي محمد مرارا. ورغم أن الأسرة تتألف من خمسة أشخاص، إلا أن الحاجة جعلت تلك الدراجة تتسع للجميع.. يتجمعون ككتلة بشرية واحدة فوق وسيلة النقل تلك، للفرار من القصف العنيف أو بعد تقدم قوات نظام الأسد إلى مكان تواجدهم.

نزحت العائلة تسع مرات خلال خمس سنوات، كانت ثقيلة على السوريين جميعا، وفي المرات التسع كانت الدراجة النارية ذات العجلتين هي الوسيلة المتوفرة بين أيديهم.

ويعتقد أبو محمد أن دراجته لا تتسع للأسرة أبدا، فأطفاله الثلاثة يبلغ أصغرهم سبع سنوات، ولكن “عندما يبدأ القصف بالبراميل المتفجرة على البلدة تحدث المعجزات ويحقق الله الكثير المعجزات التي تتسبب في إنقاذ من لم يكتب أجله حينها”.

في اللحظات العصيبة، لا سيما في البلدات الصغيرة والأرياف، يحتاج كل سوري إلى واسطة نقل تتوفر بين يديه للهروب من الموت، فالقصف عندما يشتد يجبر الأهالي على النزوح، كما أن تقدم قوات نظام الأسد يعتبر الحافز الأكبر على ذلك، إذ يخشى أبناء الريف الشمالي ما هو أقسى من الموت بالنسبة لهم، وهو ما قد تقوم به قوات نظام الأسد من انتهاكات لدى اقتحامها البلدات والقرى.

أبو محمد وزوجته؛ كلاهما يعمل في مجال التعليم الابتدائي، ورغم النزوح المتواصل والمتكرر، إلا أنهما في كل مرة يعودان إلى بلدتهما ليتابعا تعليم أبنائها. وفي معظم الأوقات يقومان بعملهما مجانا، وأحيانا يحصلان على بعض المال من إحدى الجهات غير الحكومية، فراتبهما الشهري قد أوقفه نظام الأسد منذ سنوات لأنهما يعملان في مدارس تتبع لـ”الإرهابيين” بحسب زعم نظام الأسد .

يقول أبو محمد في حديثه: “نزحنا تسع مرات، كانت الأولى في البدايات عندما اقتربت قوات نظام الأسد من قريتنا، واعتقدنا أنها سوف تنفذ اقتحاما، أما الثانية والثالثة فكانتا في اقتحامين نفذهما نظام الأسد في بلدتنا وقتل الكثيرين من أهلها ودمر وأحرق منازلها. وكانت الرابعة عندما ساءت الأوضاع في الريف الشمالي وبدأ القصف، لنذهب ونستأجر بيتا في حي الفردوس بحلب، لكن (..) إذ بدأت الاشتباكات هناك ومن ثم القصف بعد وصولنا بأسبوع واحد فقط”.

ويضيف أن المرتين الخامسة والسادسة والسابعة كانتا بالنزوح “إلى القرى المجاورة لبلدتنا، والتي كانت حينها لا تتعرض للقصف، بينما كانت الثامنة عندما دخلت قوات نظام الأسد إلى منطقة الملاح (شمال حلب)، والتاسعة بعد أن سيطر نظام الأسد على معظم الريف الشمالي وقسمه إلى نصفين، فابتعدنا باتجاه ريف إدلب بالقرب من الحدود التركية”، كما يقول.

ورغم كل عمليات النزوح هذه، فإن العائلة عادت إلى بلدة عندان مؤخرا، وعاد المعلمان، أبو محمد وزوجته إلى تعليم الأطفال وممارسة الحياة الاعتيادية، بعد أن خفت وتيرة القصف مع دخول “اتفاق وقف الأعمال العدائية” حيز التنفيذ، حيث حدد نظام الأسد نقاطه وتمركز فيها وتوقف عن تقدمه باتجاه البلدة.

تقول أم محمد : “عندما تنزح تسع مرات على دراجة نارية مع أطفال ثلاثة، سيغدو الأمر طبيعيا بالنسبة لك، بل يصبح الموت والحياة سيان في لحظات عصيبة كالتي مرت بنا، ولا أجد صعوبة في النزوح مرة عاشرة أو أكثر”.

وترى أن الأمر أصبح “يشبه نزهة تتكرر بشكل مستمر”، مضيفة: “ما زلنا ننتظر الحل السياسي أو الحسم العسكري، أو أي شيء، لكن نتمنى ألا تكون وسيلة نقل الحلول التي يستخدمها المجتمع الدولي كوسيلة نقلنا”.

ويطلق أبو محمد على دراجته، متندرا، اسم “الحمامة البيضاء”. ورغم أن الحمامة البيضاء قد شاخت خلال السنوات الخمس، وتزايدت أعطالها مؤخرا، إلا أنه يرفض تبديلها، فقد أنقذت حياته وحياة أولاده مرارا، كما يقول. أما زوجته فتوضح أنه لا يستطيع تبديلها أصلا لأنه لا يملك ثمن دراجة جديدة.

المصدر : arabi21

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى