مرر البرلمان الألماني إصلاحاً جذرياً في قوانين الاغتصاب، موسِّعاً إلى حد كبير تعريف الجرائم الجنسية في ضوء الاعتداءات التي وقعت بكولونيا في ليلة رأس السنة.
يقوم هذا القانون – بحسب تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية – بالتشديد على قواعد الموافقة ويجعل ترحيل الرعايا الأجانب المدانين بارتكاب جرائم جنسية أكثر سهولة.
لطالما اعتبرت قوانين الاغتصاب في ألمانيا قديمة وخاصة عند مقارنتها بباقي دول أوروبا. حالياً يُطلب من الضحايا إثبات أنهم قاوموا الهجوم جسدياً قبل أن يتمكنوا من توجيه الاتهامات بالاغتصاب والاعتداءات الجنسية الأخرى.
وبمقتضى القانون الجديد، بناء على مبدأ “لا تعني لا”، سيكون الضحية الذي قام بالتعبير عن رفضه شفهياً قادراً على تحرير محضر جنائي.
هذا التشريع يجعل التحرش جريمة جنسية ويُتيح مقاضاة الجماعات بأكملها، في محاولة للتصدي لأحداث كولونيا.
تقول مانويلا شفيزيغ، وزيرة الأسرة الألمانية: “في الماضي كانت هناك حالات اغتصاب للمرأة دون التمكن من معاقبة الجناة”. وأضافت: “سيساعد هذا التغيير في القانون على زيادة عدد الضحايا الذين يختارون توجيه الاتهامات، وتقليل عدد الدعوات القضائية المُهملة، والتأكد من أن الاعتداءات الجنسية تُعاقب بشكل ملائم”.
ليلة رأس السنة
أبلغت 1000 امرأة تقريباً عن تعرضها لاعتداء جنسي من رجال يعملون فيما يبدو بطريقة منظمة في محطة قطار كولونيا الرئيسية في ليلة رأس السنة.
وهناك أقوال متداولة لنساء حاصرهن رجال حاولوا تشويشهن عن طريق جعلهن يلتفتن حول أنفسهن أو إبعادهن عن أصدقائهن وعائلاتهن، ثم سرقتهن والاعتداء عليهن شفهياً وجسدياً، بطريقة مهينة جنسياً غالباً.
تم إلقاء اللوم في هذا الهجوم، الذي أثار صدمة كبيرة في ألمانيا، بشكل كبير على رجال من العرب وشمال إفريقيا.
وأثار اعتراف شرطة المدينة لاحقاً – بأن معظم المهاجمين غالباً لن يتم الإمساك بهم – غضباً كبيراً، كما قام بإشعال النقاش حول استعداد ألمانيا لاستقبال عدد كبير من اللاجئين والمهاجرين في السنة الماضية.
ثغرات في القانون
ما أدى إلى إعادة النظر في قانون الاغتصاب، وقد قال وزير العدل الألماني، هايكو ماس، إن القانون به “ثغرات غير مقبولة في الحماية” ويجب تغييرها لتغطي “الأوضاع الحقيقية التي تحدث بها معظم الهجمات”.
في يوم الخميس، تم الإجماع على تمرير بند “لا تعني لا” في البوندستاغ، حيث صوّت لصالحه جميع البرلمانيون في الحكومة الائتلافية والمعارضة.
بينما امتنع حزب الخضر وحزب اليسار عن التصويت على أجزاء من التشريع الجديد لاعتراضهم على بند سيجعل من غير القانوني التواجد في حشد يقوم بارتكاب الاعتداءات.
وقد قال حزب الخضر سابقاً إنه ليس دستورياً القيام بإدانة جماعة بأكملها بالاغتصاب، وقالت رينات كونسات رئيسة اللجنة القانونية بالبوندستاغ: “يجب ألا يدان أحد بسبب جريمة جنسية لم يرتكبها”.
واستنكر حزب اليسار السهولة التي ستمكّن السلطات من ترحيل بعض الجناة الذين “يشكلون خطراً على عامة الناس”، ليتعرضوا غالباً للاضطهاد في أوطانهم.
وبينما ترحب ببعض الجوانب من القانون المُعدل، تقول كورنيليا مورينغ من حزب اليسار: “يقترن هذا النجاح بمذاق كريه سيطلق العنان لشعبوية ما بعد كولونيا”.
ولسنين كانت الحملات تنادى بتعديل هذا القانون ولكنها كانت تواجه معارضة قوية، من حزب أنجيلا ميركل المسيحي الديمقراطي بشكل كبير.
فيما قالت إلكه فيرنر، رئيسة فريق العمل النسائي الاجتماعي الديمقراطي، إن أحداث كولونيا “أعطت مشروع القانون دفعة محظوظة، حتى ولو أطلقتها أحداث مريعة”.
وليس من المتوقع أن يتم تطبيق هذا القانون حتى الخريف على الرغم من الضغوط المطالبة بتسريع هذه العملية. وبمرور القانون من البوندستاغ يجب الآن أن يمر على مجلس الشيوخ، البوندسرات، سيقوم بالتصويت عليه بعد عطلة الصيف.
المصدر : الهاف بوست عربي