منوعات

أهو الحب أم الوهم ؛ العلاقات العاطفية عبر مواقع التواصل الاجتماعي

تتعدد العلاقات التي تتكوّن عبر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي. وبحسب طبيعة كل علاقة تتباين الدوافع التي تتسبب في إقامتها والنتائج النفسية المترتبة عنها، حيث يرى خبراء علم النفس أن علاقات الإنترنت لا تتعدى كونها حياة افتراضية يقيمها البعض نتيجة حالة نفسية معيّنة تتحكم في الهوى والرغبات.

ويكون الإنسان خلالها مؤهلا لإقامة علاقات مجهولة، راغبا فيها بغض النظر عن نتائجها، رافضا تقبل نصائح الآخرين حول خطورة هذه العلاقات وتأثيراتها السلبية.

وتقول الدكتورة ليزا مكاي، الطبيبة النفسية الأميركية والمتخصصة في العلاقات طويلة المسافاتعن بعد “لايف هاك” “الأبحاث الحديثة تشير إلى أن المرتبطيْن بعلاقة عن بعد يتحدثان أكثر من الذين يعيشون في مدينة واحدة ولكنهما يتفاعلان بشكل أعمق وأكثر وضوحا من الآخرين، ويساعدهما ذلك في التعرف عن بعضهما أكثر وبشكل جيد وأعمق”، لافتة إلى أن العلاقة التي تنشأ في ظل مسافات متباعدة تعتمد في المقام الأول على الحميمية العاطفية أكثر من الحميمية الجسدية، وبهذا فإن الحب هو الذي يحرك هذه العلاقة، وهو ما يجعلها تستمر أكثر من العلاقة التي تبنى على الانجذاب الجسدي أو الشكلي.

وتضيف مكاي أنه “عندما تنشأ علاقة بين اثنين بعيدين عن بعضهما البعض تكون العلاقة هنا مبنية على أساس الثقة والتوافق الفكري بين الطرفين، وحتما سيكون أحدهما مطمئنا وواثقا من أن شريكه لن يخونه أو يعبث بكرامته وهو بعيد”، مشيرة إلى أن ما يميّز العلاقات عن بعد أنها تمنح أحد الطرفين متسعا من الوقت يقضيه مع الأصدقاء والأقارب، ويستطيع ممارسة الأنشطة الرياضية والثقافية ويستمر في التواصل وبناء علاقات إنسانية أخرى، على عكس العلاقات القريبة التي تحكم على الطرفين في بعض الأحيان بالتفرّغ لها دون سواها.

وتشير مكاي في هذا الخصوص إلى أن حياة الشخص بمفرده تعلمه كيفية مواجهة تحديات الحياة والصعوبات دون الاعتماد على الآخر ويكون دور الشريك بمثابة الداعم عاطفيا ليكون قادرا على مواجهة هذه التحديات، وهو ما يكون أثره إيجابيا على شخصية الفرد في الاعتماد على نفسه.

ويعقب على ذلك الدكتور أحمد عبدالله، أستاذ الطب النفسي بجامعة الزقازيق، قائلا “إن الكثير من الشباب يقيمون علاقات عاطفية عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أو مواقع الدردشة باعتبارها أحد السبل الحديثة للتعرف على أشخاص آخرين وتفريغ الطاقة الداخلية الكامنة من خلال هذه العلاقات، وربما ينتج عن هذه العلاقة زواج في نهاية المطاف، لكن أغلب هذه العلاقات تكون مزيّفة وتعتمد على الأهواء الشخصية والتلاعب بمشاعر الآخرين”.

ويوضح عبدالله أن العلاقات التي تنتهي بالزواج نسبة نجاحها تكون متفاوتة بحسب طبيعة الشخص والأسرة والتنشئة الاجتماعية، وما إذا كانت العلاقة مبنية على الصراحة منذ البداية أم لا.

وعن أسباب اللجوء إلى مثل هذه العلاقات، توضح الدكتورة أميرة بدران، المتخصصة في العلاقات الاجتماعية، أن لجوء الشباب إلى إنشاء علاقات عاطفية عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، يرجع بالأساس إلى الفراغ النفسي وعدم توفر أنشطة مفيدة لهم.

فالفطرة تدفعهم إلى الحب والارتباط من خلال هذه الطريقة، إضافة إلى وجود مشكلات داخل الأسرة وعدم الاهتمام النفسي وغياب لغة الحوار، فيلجأ الشاب أو الفتاة إلى عالم الشبكة العنكبوتية الواسع ليستمع إلى أي شخص يحدثه عمّا يدور في ذهنه وتتطور العلاقة إلى أن تأخذ شكل الحب بالتزوير، كما أن الحالة الاقتصادية السيئة وزيادة متطلبات الزواج وانتشار البطالة من عوامل انتشار تلك العلاقات، بالإضافة إلى أنه من الممكن أن يكون الشخص يعاني مشكلات نفسية واجتماعية لذلك يلجأ إلى بناء علاقات عن طريق الإنترنت لكي يفرغ طاقته ويعالج مشاكله النفسية.

وتشير بدران إلى أن الوقاية من خطر العلاقات العاطفية التي تنشأ عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا تكمن في الرقابة ولكنها تتمثل في ملء وقت الفراغ وخاصة الفراغ النفسي والاجتماعي الذي يلاحق الشباب. وفي حالة وجود علاقة قوية بين الشباب وأسرهم مدعومة بواعز ديني، فستكون لديهم رقابة من الداخل تمنعهم من الوصول إلى احتياجاتهم العاطفية بطريقة خاطئة وتمنعهم من خداع الآخرين والتلاعب بمشاعرهم، وكذلك عندما تكون هناك علاقات اجتماعية ناجحة وقائمة على الحوار، فلن يلجأ الشاب إلى مثل هذه العلاقات المضطربة.

المصدر : العرب 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى