انطلقت أول من أمس الأربعاء، فاعليات الدورة الحادية عشرة من «مهرجان دبي السينمائي الدولي»، تحت رعاية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، بعرض فيلم «نظرية كل شيء» للمخرج البريطاني جيمس مارش، وتكريم الفنان المصري نور الشريف، والمطربة الهندية آشا بوسلي، وذلك بمنحهما «جائزة تكريم إنجازات الفنانين» التي اعتاد المهرجان تقديمها في كل عام لاثنين من المبدعين، أحدهما من العالم العربي.
وفي هذا السياق، وتعزيزاً لهويته العربية، فضلاً عن صفته الدولية، قام «مهرجان دبي السينمائي الدولي» مع دورته الحادية عشرة (10 – 17 كانون الأول – ديسمبر 2014)، بإعادة تنظيم نفسه، بحيث اقتصر على المسابقة العربية والإماراتية، متخلّياً عن المسابقة الآسيوية – الأفريقية (المهر الآسيوي – الأفريقي) التي كان أطلقها منذ سنوات. كما أعاد تنظيم برامجه الموازية (خارج المسابقة)، ليُبقي على برنامجه الشهير «ليال عربية»، وبرنامج «أصوات خليجية»، إضافة إلى برنامج «سينما العالم»، و«سينما الأطفال». ما يجدّد حيويته، وهو يطوي العقد الأول من عمره.
كما عمد المهرجان، في سابقة تُحسب له، إلى المزج ما بين الأفلام الروائية والوثائقية في منافسات مسابقاته الرسمية، معتمداً التصنيف الزمني للفيلم (طويل، قصير)، لنجد أن مسابقاته أضحت ثلاثاً فقط على نحو الآتي: «المهر الطويل» (للأفلام الروائية والوثائقية)، و«المهر القصير» (للأفلام الروائية والوثائقية)، و«المهر الإماراتي» (للأفلام الروائية والوثائقية الطويلة والقصيرة)، تتنافس على جوائز «المهر»، التي أُعيد توزيعها أيضاً لتصبح على شكل: جائزة أفضل فيلم روائي طويل (200 ألف درهم)، وجائزة أفضل فيلم وثائقي طويل (100 ألف درهم)، وجائزة أفضل فيلم قصير (50 ألف درهم)، وجائزة أفضل فيلم إماراتي (50 ألف درهم)، فضلاً عن جائزة لجنة التحكيم لأفضل فيلم روائي طويل (50 ألف درهم)، وجائزة لجنة التحكيم لأفضل فيلم قصير (25 ألف درهم)، وجائزة لجنة التحكيم لأفضل فيلم إماراتي (25 ألف درهم).
تمييز للسينما العربية
ومن المُنتظر أن تكون عملية إعادة تنظيم المهرجان خطوة جادة على طريق تأصيل هويته وخصوصيته التي تعطي السينما العربية انتباهةً وافيةً لنجد أن من بين 118 فيلماً (من 48 دولة، ناطقة بـ34 لغة) يعرضها المهرجان هذا العام، هناك 67 فيلماً عربياً، من دون التخلّي عن الاهتمام الدولي، إذ أعلن المهرجان أن 44 فيلماً مشاركاً ستكون في عرضها العالمي الأول، و11 فيلماً في عرضها الدولي، وإقامة 12 عرضاً افتتاحياً (غالا)، مع التشديد على اهتمامه الأساسي بالتوجّه نحو «الاكتشافات» التي تسلّط الضوء على التجارب السينمائية المهمة، خصوصاً الجديدة، عربياً وعالمياً.
وسيكون على لجنة تحكيم «المهر الطويل»، المكوّنة من المخرج الأميركي لي دانيالز (رئيساً)، والمخرج الهولندي ليونارد ريتيل هلمريتش، والمخرج الجزائري مالك بن إسماعيل، والممثلة الأميركية فيرجينيا مادسن، والمخرجة اللبنانية نادين لبكي، البحث عن الفائز من بين 17 فيلماً طويلاً، تُعرض للمرة الأولى، لعل من أبرزها فيلم «قدرات غير عادية» للمخرج داود عبد السيد، و«رسائل من اليرموك» لرشيد مشهراوي، و«البحر من ورائكم» لهشام العسري، و«المجلس» ليحيى العبدالله، و«سماء قريبة» لنجوم الغانم، و«راني ميت» للجزائري ياسين محمد بن الحاج، و«لي قبور في هذه الأرض» للبنانية رين متري، و«رحلة في الرحيل» للفلسطينية هند شوفاني، و«يوميات كلب طائر» للبناني باسم فياض، و«روشميا» لسليم أبي جبل… وكذلك التجارب الروائية (الخليجية) الأولى لكل من اليمنية خديجة السلامي (أنا نجود بنت العاشرة ومطلقة)، والبحريني محمد راشد بو علي (الشجرة النائمة)، والإمـاراتي وليد الشحي (دلافين). وتتكوّن لجنة تحكيم «المهر القصير»، و«المهر الإماراتي»، من محمد رضا (رئيساً)، والمخرجة شيرين دعيبس، والسيناريست الإماراتي محمد حسن أحمد، حيث يتنافس 15 فيلماً قصيراً، في الأولى، و8 أفلام إماراتية، في الثانية، لعل من أشهرها الفيلم المصري القصير «ما بعد وضع حجر الأساس لمشروع الحمام بالكيلو 375»، للمخرج عمر الزهيري الذي سبق أن شارك في مهرجان كان السينمائي (أيار – مايو 2014)، فضلاً عن الكثير من الأفلام العربية، ومنها الفيلم التونسي القصير «… فتزوج روميو جولييت» لهند بو جمعة، و«في الوقت الضائع» لرامي ياسين، و«تانغو الثورة» لإيلي كمال، و«الصياد السيئ» لسهيم عمر خليفة، و«ومع روحك» لكريم الرحباني…
النظرة الأولى إلى خريطة الأفلام العربية المُشاركة في مسابقات الدورة الحادية عشرة من «مهرجان دبي السينمائي الدولي» تنبّهنا إلى الحضور السينمائي الخليجي الاستثنائي، وغير المسبوق، إذ تشارك 6 أفلام طويلة (منها 5 روائية طويلة)، وهي «دلافين» لوليد الشحي، و«سماء قريبة» لنجوم الغانم، و«عبود كنديشن» لفاضل المهيري، و«من أ إلى ب» لعلي مصطفى، و«الشجرة النائمة» لمحمد راشد بو علي، و«أنا نجود بنت العاشرة ومطلقة» لخديجة السلامي، ما يمكن أن يعفينا أخيراً من سؤال جدوى المهرجانات السينمائية في بلدان لا يُشتهر عنها أنها تعرف صناعة السينما، وينقلنا إلى سؤال: هل بدأت المهرجانات السينما العربية تنجب أفلاماً؟
وباعتباره جوهرة المهرجان، يقدّم برنامج «ليال عربية» 15 فيلماً من العالم العربي، أو تتحدث عنه، لعل من أبرزها وثائقي «أنا مع العروسة» للفلسطيني خالد سليمان الناصري والإيطاليين غابرييل دل غرانده، وأنطونيو آوغليارو، وفيلم «بتوقيت القاهرة» لأمير رمسيس، و«الوادي» لغسان سلهب، و«مسكون» للواء يازجي، و«قهوة لكل الأمم» لوفاء جميل، و«على إيقاع الأنتونوف» للسوداني حجوج كوكا، و«سلام على دجلة – حرب العراق وعشر سنوات من العيش في بغداد» للياباني تاكيهارو واتاي، و«نحن كثر» لأمير أميراني، و«الدخـــيل» لشريف كورفر، و«مردان» لباتين قوبادي، و«هــوم سويت هوم» لنادين نعوس…
واللافت حرص المهرجان على إعادة (كما فعل من قبل) استحضار تجارب من الفيلم الجماعي، كما في فيلم «زمن معلّق» لكل من طرزان وعرب ناصر، ومهدي فليفل، ويزن الخليلي، وعلاء العلي، وأمين نايفة، وآسمى غانم، وعاصم ناصر، وأيمن الأزرق، ومهند صلاحات، وفيلم «جنود مجهولون» لكل من سارة دحيدل، وحمزة خليفة، وعدي الطنيب، وروان التميمي، وجابر أبو رحمة، ومحمود الهذالين، وأحمد عمرو.
وأفلام من العالم الخارجي
على صعيد آخر، يتضمّن برنامج «سينما العالم» مشاركة 46 من أفضل الأفلام المُنتجة هذا العام، بدءاً من فيلمي الافتتاح والاختتام، وهما «نظرية كل شيء» لجيمس مارش، و «في الغابة» لروب مارشال، مروراً بالتجربة الإخراجية الأولى «عرّاف المياه» للنجم راسل كرو، وجديد المكسيكي إيناريتو في «بيردمان»، و«مومي» لكزافييه دولان، و«الأطلنطي» لجان ويليم فان إيويك، و«تلك هي القواعد» لأوغنين سفيلكزيتش، و«أرواح سوداء» لفرانشيسكو مونزي، و«أكثر السنوات عنفاً» لجاي سي شاندور، و«أسكوبار: الفردوس المفقود» لأندريا دي ستيفانو… وصولاً إلى الأفلام الهندية والآسيوية التي تنضمّ إلى البرنامج هذا العام، ومنها الهندي «أربعة ألوان» لبيكاس رانجان ميشرا، و «قصة قصيرة» لكوشيك غنغولي، و«أنا ستيف لوبز» لراجيف رافي، والباكستاني «ابنة» لعافية ناثانيال، و«الأعزّ» للصيني بيتر هو سن شان، و«نمور» لدانيش تانوفيتش، في سادس أفلامه الذي انتقل معه إلى الهند.
ويقدّم «سوق دبي السينمائي» عروضاً مُتاحة لقرابة 230 فيلماً في «فيلم مارت»، الشقّ الصناعي والتجاري في المهرجان، وذلك بغية المساهمة في مساندة تسويق الأفلام وتوزيعها، ودعم صناعة السينما عبر جَسْر المسافة ما بين المُنتج والموزّع والأسواق، إضافة إلى عقد الكثير من الجلسات الحوارية والندوات وورش العمل الهادفة إلى تطوير الإمكانات والمهارات لدى السينمائيين المشاركين فيها.
أخيراً، يبقى أن نشير إلى أن «مهرجان دبي السينمائي الدولي» الذي يختتم الموسم السينمائي العربي سنوياً، بات يأخذ لنفسه مكانة متميزة، هويتها عربية، وصفتها دولية، وشعارها «ملتقى الثقافات والإبداعات»، متمثّلاً نموذج إمارة دبي في الدقة والتنظيم.
الحياة – وطن اف ام