في العمق

اللجنة الدستورية: فرضية مُستحيلة أم واقعية سياسية؟

بحثت حلقة اليوم من برنامج “في العمق”، مسألة اللجنة الدستورية، التي يعمل المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، على تشكيلها حالياً. حيث أرسلت “هيئة التفاوض العليا” في الرابع والعشرين من يوليو/تموز الماضي، قائمة مُرشحيها للجنة، وهي قائمة مؤلفة من خمسين اسماً، وكان نظام الأسد أرسل قبل ذلك، قائمة مرشحيه.

ويفترض أن تتألف “اللجنة الدستورية” من ثلاث أثلاثٍ بالتساوي، بين نظام الأسد والمعارضة وشخصيات سورية مستقلة، يختارها دي ميستورا، وكان قد أقر تأسيسها في مؤتمر “سوتشي” بداية هذه السنة.

واستضافت حلقة اليوم، من برنامج “في العمق”، كل من الدكتور يحيى العريضي، وهو عضو “هيئة التفاوض العليا” والذي ورد اسمه ضمن قائمة مُرشحي “الهيئة” لـ “اللجنة الدستورية”، الباحث السوري الدكتور عبد الرحمن الحاج، عضو “الأمانة المركزية” في “المجلس الوطني السوري”.

وقال الدكتور العريضي، أنه و”ببساطة، كما فهمنا، بعد سوتشي، جرى الاتفاق على البنود الـ12، المبادئ الأساسية التي تتحدث عن وحدة سورية أرضاً وشعباً، وسيادة البلد، وما إلى ذلك، وهي مبادئ أساسية تم العمل عليها في لوزان، وأخذت في الاعتبار النقاط التي وضعتها المعارضة السورية في اجتماعات لوزان، وبينها على سبيل المثال، تغيير بعض المؤسسات الأساسية في سورية، كالجيش والأمن، وهذا شيء مهم جداً بالنسبة للمعارضة”، مضيفاً أن “الأمر الآخر هو موضوع اللجنة الدستورية بإشراف الأمم المتحدة، وآخذَ بعين الاعتبار دول مسار أستانة، وتم الاتفاق أيضاً، أن يكون عدد أعضاء هذه اللجنة 150، ثم يتم الاختيار من كل مجموعة (كل مجموعة 50) ، خمسة عشر أو ستة عشر شخصاً من نظام الأسد، ومثلهم من المعارضة، ومثلهم يختارهم المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا”. 

وأضاف العريضي:” نحن نعرف تماماً بأن هذه الخطة (مسار اللجنة الدستورية) مُقحمة من قبل الروس، بحكم تسلطهم، وبحكم سطوتهم العسكرية بالنسبة لسورية، وهم يقررون، وقد عُهد لهم بالملف السوري من قبل أمريكا ودول أخرى، مع رخاوة ما يسمى أصدقاء سورية، وقد احتكر الروس هذا الموضوع، والمخرز لا تستطيع مقاومه في العين”.

وتابع عضو “هيئة التفاوض العليا” حديثه بالقول: “لا نرى أن اللجنة الدستورية تختصر الحل السياسي في سورية، لسبب رئيسي أن هناك أربعة قرارات دولية، وثلاث أو أربع محاور، أو سِلل سيستند إليها الحل السياسي. كان يفترض أن يكون هناك عملية انتقال سياسي، وهيئة حكم انتقالي، تقوم بإيجاد مؤتمر حوار وطني، أو جمعية وطنية تقوم بانتخاب لجنة لكتابة الدستور.. الأمر المهم هو ألا يتم الاتفاق على أي مسالة إلا أن يكون الاتفاق على كل المسائل المتعلقة بالقرار الدولي 2254″.

أما الباحث السوري عبد الرحمن الحاج، فقد اعتبر أن “موضوع اللجنة الدستورية والأسئلة التي حولها كثيرة”، مشيراً إلى أن “هذه اللجنة لا يمكن أن تولد بدون قرار دولي. عملياً إذا لم يتم هناك توافق دولي لن تولد هذه اللجنة، وإلى اليوم لا يوجد أي شكل يؤشر على وجود هذا الاتفاق”، قائلاً بأن اللجنة بالمحصلة إن ولدت “سوف تُستخدم، ولن تكون مطبقة لقرارات دولية، بل مُطبقة لتسوية سياسية بين الدول الكبرى”.

وقد أجرى مراسلو “وطن اف ام” استطلاعاً للرأي، تم بثه خلال الحلقة، حيث تم سؤال عدد من السوريين: “بعد أن سلمت الهيئة العليا للمفاوضات قائمة أسمائها للجنة الدستورية، وقبل ذلك نظام الأسد.. هل تتوقعون أن تنجح هذه اللجنة الدستورية بوضع دستور متفق عليه للبلاد سواء دستور جديد أو تعديل الحالي؟ وبشكل عام ما توقعاتكم لمستقبل وشكل وآلية عمل هذه اللجنة؟ وهل تتلخص القضية في سورية بتأسيس لجنة دستورية؟”.

ورأى بعض الذين شاركوا في الاستطلاع، أن “مصير اللجنة الفشل”، بينما عبر آخرون عن تمنياتهم بأن تكون اللجنة ركيزة قد يُبنى عليها حل حقيقي في سورية.

وقال يحيى العريضي لـ “وطن اف ام”، إن “الساحة السياسية الآن، تغطيها وتشكل مرجعيات لها، القرارات الدولية التي لا تسقط بالتقادم.. قد يأتي شخص ويقول: هل اللجنة الدستورية هي التي ستأتي بحل سياسي؟ لا أستطيع أن أجيب نعم، ولكن أستطيع أن أقول، أنها بوابة مهمة جداً، خاصة عبر الضغط السياسي الدولي(الحاصل)، ودعم روسيا لنظام الأسد.. فأي مدخل أي زاوية أستطيع أن أدخل منها للحفاظ على حق السوريين، فهذا أمر مهم جداً بالنسبة لنا”.

ولدى سؤال الدكتور عبد الرحمن الحاج، عن رايه فيما إذا كانت مقاطعة هذه اللجنة الدستورية، أهم من المشاركة فيها بالنسبة للمعارضة، قال إن المقاطعة أهم “بالتأكيد، لأن الحضور فيها هو مسار معروف النتائج، والحضور يعني إضفاء الشرعية. ونظام الأسد ينتظر الشرعية من اللجنة ومن المعارضة، وبمجرد أن منحت المعارضة الشرعية له، هذا يمنحه قدرة على التعويم خارجياً، وداخلياً تمنحه القدرة على السيطرة”.

ورأى الحاج، أنه و “مع انعدام الشرعية داخلياً سوف يبقى نظام الأسد غير قادر على الاستقرار، والشرعية التي تمتلكها المعارضة ينبغي ألا تفقدها ضمن تجاذبات دولية”.

كما تحدث ضيفا البرنامج، بنقاط أخرى عديدة، حول تفاصيل وأبعاد اللجنة الدستورية. ويمكنكم الاستماع لكامل الحلقة عبر الضغط على الرابط التالي:

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى