يبدو أن أوروبا قررت بدء محاكمة متهمين تابعين لنظام الأسد بجرائم ضد الإنسانية قبل نهاية العام الحالي مما يفتح الباب أمام الكثير من السوريين لتسليم قتلة أبناءهم وبناتهم للعدالة.
لفقرة (صلة وصل) تحدثت مراسلة وطن اف ام سمية طه عن هؤلاء المجرمين الذين وجهت لهم تهم بالقتل والتعذيب وارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجهها مكتب المدعى العام الألماني الاتحادي، هما الضّابطان السّابقان في المخابرات السورية مقيمين في ألمانيا الذي أودع الاتهام أمام المحكمة الاتحادية العليا، وبناء على الاتهامات المقدمة من قبل الادعاء العام فقد كان الرجلان يشرفان على مركز تعذيب في سوريا.
وقد وجهت ضد أحدهما تهمة القتل في 58 حالة إضافة إلى اتهامات بالاغتصاب والإكراه الجنسي، حيث تمّ اعتقال كل من السوريين “أنور ر.” و “إياد أ.” وإيداعهما السجن على خلفية القضية. ووفق بيان المدعي العام الصادر الثلاثاء (29 تشرين الثاني) فقد كان “أنور ر.” المتهم الرئيسي في القضية يشرف على وحدة خاصة ما بين عامي 2011 و2012 لملاحقة معارضي الأسد وتعذيبهم بطريقة ممنهجة وكقائد لوحدة تابعة للمخابرات السورية شارك الأخير في قتل 58 شخصا على الأقل.
وأضافت “طه” أنه وفق البيان ينتمي المتهم إلى المخابرات العامة السورية وتحديداً إلى الفرع 251 الذي كان مسؤولاً عن الأمن في منطقة دمشق وتحت إمرته تم تعذيب 4000 شخص على الأقل بطرق شنيعة من بينها التعذيب بالصعق الكهربائي.
أما المتهم الثاني “إياد .أ” تقول “طه” أن مهمته كانت ملاحقة المعارضين للأسد والمتظاهرين بعد انطلاق الثورة السورية ولأنه كان يدرك أن هؤلاء مصيرهم التعذيب في سجون الأسد ونظرا لمشاركته في عمليات الاعتقال والاحتجاز القسري وجهت له تهمة التواطؤ والمشاركة في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وأشار بيان المدعي العام أيضاً إلى وقوع عمليات اغتصاب واعتداءات جنسية بمشاركة أو بإيعاز من المتهمين، بينما أشار مكتب المدعي العام الألماني إلى أنه خارج الاستجوابات تعرض المعتقلون أيضًا لإساءة بدنية تعسفية على أيدي الحراس كما سادت الظروف اللاإنسانية والمهينة في السجن.
وأكدت “طه” على أن البيان قال بأن المتهم “أنور ر.” بصفته رئيس وحدة التحقيق قام بتحديد إجراءات العمل في السجن وأشرف عليها بما في ذلك استخدام التعذيب المنهجي والوحشي وأنه كان يدرك أيضًا أن السجناء ماتوا نتيجة الاستخدام المكثف للقوة.
البيان تحدث أيضاً عن “إياد أ.” والذي كان يعمل في قسم فرعي من وحدة التحقيق التابعة لـ “أنور ر.” وأفاد بيان المدعى العام الألماني أنه في خريف عام 2011 سهّل “إياد أ.” إجراء التعذيب والحبس والسجن لما لا يقل عن 30 شخصاً.
وتحدث بيان المدعي العام الألماني عن أن “إياد أ.” رافق عدداً من المقبوض عليهم خلال عمليات النقل في إحدى الحافلات وأنه كان على علم بالطرق المنهجية ووحشية التعذيب التي تمارس في السجن حتى قبل إلقاء القبض على المتظاهرين، وغادر الرجلان سوريا ما بين عامي 2012 و2013 ووصلا إلى ألمانيا في فترات متفاوتة ما بين عامي 2012 و2013.
في حين تمّ تقديم مذكرة الاتهام ضدهما في آب من عام 2018 للبت فيها من قبل المحكمة العليا لولاية راينلاند بفالس المسؤولة بعد ذلك على تحديد موعد الدعوى القضائية، وإلى غاية اللحظة لم ترد أي معلومات عن موعد لذلك، إلا أن المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان في برلين ECCHR تحدث عن موعد قريب بانطلاق المحاكمة وأوضح مدير المركز “فولفغانغ كاليك” : “الدعوة هي خطوة مهمة جدا خاصة بالنسبة لضحايا التعذيب والقتل في سجون الأسد” ، ويشرف المركز على 14 سوريا من ضحايا التعذيب من المنتظر أن يدلوا بشهاداتهم في القضية.
وختاما قالت طه أن هذه المحاكمة ستكون باكورة المحاكمات لمجرمي الأسد ومؤيديه وبدأت مثل هذه المحاكمات في خربطة أوراق كل من شد على يد الأسد وأيده. حيث يقيم حاليا في ألمانيا الكثير من المجرمين بدؤوا يفكرون بالهروب إلى مكان آخر والكثير من المؤيدين بدأت أصواتهم تخفت والكثير من الضحايا ستكون لديهم الشجاعة الكافية للإدلاء بشهاداتهم طالما أنها ستجلب لهم وللكثير من الشهداء والمعتقلين العدالة.