مفهوم تقبل الآخر كان ينظر إليه قبل الثورة السورية بمنظور مختلف عنه عمّا بعدها، ففي الوقت الذي كان المقصود منه اختلاف البيئة الإجتماعية أو المدينة أو المحافظة أصبحت له مدلولات أخرى أعمق وأكثر خطورة، ولا يمكن نكران دور نظام الأسد في ترسيخ هذه الأفكار من خلال إعلامه في فترة الصراع أولاً والمجازر التي ارتكبها بحق مدن كاملة قبل الصراع ثانياً، ولا زالت تلك الأحداث قابعة في نفوس الأجيال الذين حاولوا جاهداً التخلص منها إلى أن أتت الثورة السورية، فقد حاول نظام الأسد توجيهها لتفكيك ذلك النسيج السوري ليستطيع بذلك بسط سيطرته وفرض سلطانه على البلاد أكثر..
عند الحديث عن تقبل الآخر فنحن نتحدث عن الآخر الذي مهما اختلف انتماؤه وعقيدته ورأيه، فهو يبقى الشخص الذي يكملنا ولا يمكن أن يكون ميزان الديمقراطية عادلاً دونه، لكن ومع ازدياد حدّة الصراع في البلاد ومحاولة العديد من الدول التدخل في الشأن السوري أصبح من الصعب تحقيق ذلك التوازن في المعادلة، فانتشر الرفض لما هو مخالف لنا وباتت الأفكار جميعها تتجه في مسار واحد يدعم حجّة الداعي دون سواه ويرفض كل تكوين مخالف له في المنطق والإنتماء..
أما ما يخص الهجرة السورية القسرية؛ فيمكن النظر إليها بمنحى إيجابي وإن صعب الأمر علينا، إذ أن هذه الهجرة ساهمت في ابتعاد المواطن السوري عن البيئة الحاكمة التي ما برحت تضخ أفكارها على الناس لتسييرهم ضمن خط واحد تبتغيه، فكان هذا الإبتعاد بمثابة استراحة فكرية احتاجها السوري ليستطيع من خلالها دراسة الموازين بمنطق بعيدٍ الضغط الذي كان فيه داخل سوريا، فكان بذلك تقبل الآخر أمراً أكثر سلاسة لابتعاده عن البيئة المشحونة بالصراع..
للمزيد يمكنكم متابعة الحلقة الثالثة من برنامج “شباب سوريا” عبر الرابط التالي: