شباب سوريا

كيف يمكن استثمار طاقات الشباب داخل سوريا وخارجها؟

يعتبر الوعي الذاتي من الأمور الفاصلة في اكتشاف قدراتنا الدفينة التي تحدد بدورها طريقة سيرنا في الحياة والوظائف والأعمال التي يمكن أن توكل إلينا والسوية التي يمكن أن ننفذ بها هذه الأعمال.

حلقة “شباب سوريا” كانت مشحونة بتلك القدرات والمواهب التي حاولنا استنباط مدى معرفة الشباب السوري لذواتهم وخبراتهم وكيفية استخدامهم لها بالشكل الأمثل.

الحلقة استضافت أحد القائمين على مشروع “العمل عن بعد” محمد الطرشة الذي تحدث عن لمحة عن المشروع وورشات التدريب وآلية عمله، كما استضاف طالبة الهندسة ملك رمضون التي تحدثت عن النتائج التي يمكن أن تنعكس على الشاب والاسرة والعائلة في حال تم كبت المواهب والقدرات الشابة، وكيفية تطوير الوعي بالاحاطة بقدرات الشباب ومحاولة استثمارهم بالشكل الأمثل.

فلا يمكن نكران زوال واضمحلال الكثير من الطاقات والمواهب الشبابية المتفردة في سوريا نتيجة لضغوطات العائلة أو المجتمع الذي يفرض قيود معينة على أنماط محددة من المواهب دون أخرى، وكيف لنا نكران أهمية شهادة الطب والصيدلة واعتبارها أهم من أية شهادة أو موهبة أخرى في مجال الفن والثقافة أو حتى الإقتصاد والرياضة، فكانت هذه النظرة المسبقة لنتائج الأمور كافية لإخفاء الكثير من الطاقات الشابة التي نحن أحوج إليها في هذه الفترة.

الضغط النفسي الذي كان يعترض الشباب السوري خلال سنوات تكوّن وعيه العقلي والنفسي أدى إلى تشكل ظاهرتين هامتين في المجتمع السوري، فالأول كانت في قبول الشباب بالواقع المرسوم والرضوخ لقوانين المجتمع والدخول بذلك في أعمال أو مهن بعيدة كل البعد عن تكوينه وبنيته وتفكيره، وبالتالي انعكاس ذلك على المجتمع من خلال الأعمال المقدمة من قبل هذا النوع، وشتان بين الأعمال المقدّمة بحب وقناعة وأعمال مقدّمة بحكم قوانين وبنود مرسومة مسبقاً، أما النوع الثاني فهو ظهور شباب ثائر على هذه القيم والمفاهيم المسبقة وتحليّه بالوعي الذاتي الذي يجعله مدركاً تماماً لما يملكه من إمكانيات ومهارات تخوّله لخوض معترك الحياة بل ومقدار ذلك الوعي أحياناً قد يوصله إلى حد اليقين من انتصاره في المعركة التي لم ينتصر فيها إلا قلّة قليلة.

ونحن بهذا الصدد لا نطرح مفهوم القوة والضعف في الصنفين الآنفي الذكر بقدر ما نودّ طرح وجودهما الفعلي في المجتمع وحاجة المجتمع الماسة إلى الصنفين معاً، الأول مع الآخر دون فاصل، فهيهات نحن من المدينة الفاضلة التي ناشدها أفلاطون في كتابه، فكانت مكاناً مثالياً لا تشوبه شائبة ولا يعكّر صوف سمائه غراب…، وإنما، والحقيقة تقال، فالمجتمعات الثائرة أثبتت عبر التاريخ دورها الأساسي في عملية التطور التي غالباً ما كان يقودها الشباب الواعي والمدرك لما يملكه من إمكانيات استطاع توظيفها في المكان الأمثل.

وهنا لا بدّ أيضاً أن نشير إلى أن الوعي الذاتي يلعب دوراً هاماً في التطوّر التلقائي للمجتمع من خلال إدراك كل منا لواجباته وحقوقه والسير وفقاً لمخطط ذاتي وإرادة داخلية مبدعة بعيدة كل البعد عن التقليد ورتابة الحرف المكرر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى