شباب سوريا

هل يلجأ الشباب السوري للماضي رفضاً للواقع أم لاستحضار الذكريات؟

“النوستالجيا” هي حالة من ألم الشوق والحنين للماضي، وقد تأخذ شكلاً إيجابياً أحياناً أو سلبياً بحسب الفرد، ولعلها تتجلى بشكل واضح لدى كبار السن في شعورهم بالوحدة والشوق إلى الماضي، وإجمالاً يأتيهم هذا الشعور عندما يشعرون بقلة أهميتهم في المكان الذي هم فيه حالياً، لذلك يكون تذكر الماضي والحياة التي عاشوها سابقاً إحدى وسائل الهروب من الواقع.

باحثة الدكتوراه في علم النفس العيادي دجانة بارودي أشارت في حلقة البرنامج (شباب سوريا) إلى أن حاجة الإنسان في تذكر الماضي كل فترة، لكن يشير الطب الحديث إلى أنها قد تتطور إلى حالة مرضية، حتى أن الدراسات الحديثة تشير إلى أن بداية الاكتئاب تكون في حالة مشابهة لحالة النوستالجيا، حيث يتجلى الاكتئاب أحياناً في هروب الشخص إلى الماضي وعدم رغبته في القدوم إلى الحاضر مرة أخرى كون الماضي يصبح ملاذه الآمن للإختباء.

وذكرت “بارودي” إلى ملاحظة زيادة حالة النوستالجيا لدى الشباب الحالي بحكم الواقع الذي يعتبرونه غير مناسب لهم، إذ أن الكثير من الشباب اضطروا لمغادرة بلدهم وترك عائلاتهم والتوجه إلى الغربة وبناء مجتمع جديد مختلف عمّا تعود عليه في بلده، وتزيد من هذه الحالة عدم وجود بيئة حاضنة له في مجتمعه الجديد، وهنا قد تتحول حالة النوستالجيا إلى مشكلة مرضية تصاحبها عدّة أعراض تتمثل بعدم انتظام دقات القلب والأرق وفقدان الشهية، بالإضافة إلى صعوبات في التكيف وعدم رغبة الشخص في التأقلم مع واقعه الجديد، فنلاحظ عدم رغبته في بذل أي جهد للتأقلم، كعدم رغبته في تعلم اللغة مثلاً..

وتضيف “بارودي” بالاستناد إلى إحدى الدراسات فإن نحو 80% من الناس يتذكرون الماضي ويدخلون في حالة النوستالجيا لمرة واحدة في الأسبوع على الأقل، أي أنّ هنالك حالات محببة لدى الإنسان يرغب في تذكرها، كتذكر أغنية محددة تذكرنا بخطبة شخص ما، وهذا ما يتم اعتباره حالة صحية يتم إقامة التدريبات بالاستناد عليها، وهي تعتبر إحدى الوسائل العلاجية التي تعتمد على استحضار الذكريات المرتبطة بالسعادة والفرح والأمان، وإنما إن صاحب ذلك نكوص وإعاقة للشخص من ممارسة حياته اليومية، حينها يتم اعتبار الحالة مشكلة صحية لا بدّ من علاجها.

أشارت المتصلة ليلى إلى أن حالة “النوستالجيا” والشوق إلى الماضي التي أصابتها في بداية تهجيرهم من مدينة حمص إلى منطقة أريحا، وكيف أثّرت هذه الحالة على حياتها وابتعادها عن الناس ورفضها لكل شيء، وإنما وبعد شهرين من البكاء اليومي والرغبة في العودة إلى الماضي، استطاعت التغلب على المشكلة من خلال الدخول في سوق العمل والانخراط بالناس وتكوين صداقات جديدة، حتى أنها استطاعت العودة إلى الحياة الجامعية التي خسرتها في مدينتها وتحولت من شخصية ضعيفة بائسة إلى شخص منتج مقبل على الحياة وراغب في النجاح.

العديد من القصص الأخرى رافقتنا في هذه الحلقة من “شباب سوريا” الذي بإمكانكم متابعة الحلقة كاملة عبر الرابط:

https://www.facebook.com/fm.watan/videos/516281762258024/

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى