توصَّلت دراسةٌ حديثة إلى أنَّ عودةَ المُسنّ إلى المدرسة قد تُساعده على تجنّب الإصابة بالخرف. يقول الباحثون إنَّ من شأن المواظبة على حضور دروس جماعية أن تُعزِّزَ من وظائف الدماغ المختلفة، مثل الذاكرة واتخاذ القرارات والتخطيط. أشار الباحثون الأستراليون إلى أنَّ نتائجَ دراستهم تُضيف دليلاً جديداً، إلى جُملة الأدلة المتوفِّرة، حول دور أنماط الحياة الصحِّية، مثل التمارين الرياضية والألعاب الذهنية والحياة الاجتماعية الفعَّالة، في مساعدة المُسنِّين على الوقاية من التدهور الإدراكي المرتبط بالتقدُّم في العمر.
يقول المُعدُّ الرئيسي للدراسة ميجان لينهان، الأستاذ بجامعة تاسمانيا في أستراليا: “تُعدُّ نتائجُ هذه الدراسة مثيرةً للغاية، لأنَّها تشير بوضوح إلى أنَّ اتخاذ الإجراء الصحيح، ولو بوقت متأخِّر، يساعد على زيادة القدرات الإدراكية للدماغ”.
ويُضيف قائلاً: “إنَّنا الآن بصدد متابعة المشاركين في الدراسة مع تقدُّمهم أكثر في العمر، لكي نرى ما إذا كانت المواظبةُ على حضور الدروس الجماعية تساعد على تأخير أو التقليل من آثار الخرف”.
من الجدير ذكره أنَّ الدراسةَ لم تكن مصمَّمةً لإثبات علاقة سبب ونتيجة بين العودة إلى المدرسة في سن متأخِّرة والتقليل من خطر الإصابة بالخرف.
اشتملت الدراسةُ على أكثر من 350 بالغاً غير مصابٍ بالخرف، تراوحت أعمارُهم بين 50 سنة و 79 سنة. أجرى المشاركون عدَّةَ اختبارات لقدرات الذاكرة والتفكير قبل حضور منهاج دراسي (بدوام كامل أو جزئي) في جامعة تاسمانيا. وقام الباحثون بعدَ ذلك بمتابعة الطلاَّب الأكبر سناً لمدة ثلاث سنوات، واختبروا فيها قدراتِ الذاكرة والتفكير بمعدَّل مرة كل سنة.
في نهاية الدراسة، تَبيَّن أنَّ الوظائفَ الدماغية (كالذاكرة والتخطيط) قد تحسَّنت بنسبة 92 في المائة لدى المشاركين الذين أكملوا المنهاجَ الدراسي في الجامعة؛ في حين أنَّ الوظائفَ الدماغية تحسَّنت بنسبة 52 في المائة فقط لدى أفراد مجموعة المراقبة الذين لم يحضروا أيَّ منهاج دراسي، وحافظ 8 في المائة من أعضاء مجموعة الدراسة و 44 في المائة من مجموعة المراقبة على قدراتهم الذهنية دون زيادة أو نقصان.
اشتمل المنهجُ الدراسي الذي حضره المشاركون على مجموعة متنوِّعة من المواد، مثل التاريخ وعلم النفس والفلسفة والفنون الجميلة. وعلى الرغم من أنَّ بعضَ المشاركين قد حضروا الدروسَ عبر الإنترنت، إلاَّ أنَّ الباحثين قالوا بأن حضورَ الدروس ضمن حرم المدرسة أو الجامعة له فوائد أكبر، لأنه يتيح فرصةَ بناءِ علاقةٍ اجتماعية جديدة.
يقول لينهان: “من المحتَمل أنَّ التحفيزَ الذهني للدماغ في وقت متأخِّر من العمر (بأي درجة كان) قد يعزِّز من قدرات المُسن الإدراكية. ومن أمثلة هذه المحفزات المواظبةُ على حضور برامج تعليمية مخصَّصة للمسنين، والتي من شأنها أيضاً توسيعُ شبكة العلاقات الاجتماعية للمسن”