علوم وتكنولوجيا

دراسة حديثة تبشّر بعصر جديد لطب الأسنان لا يعتمد على آلات الحفر

لدينا أخبارٌ جيِّدة لأولئك الذين يخافون من آلة الحفر عند طبيب الأسنان! فقد تبنّت دراسةٌ حديثة مقاربةً علاجية تهدف إلى إيقاف النخور السنية من دون استخدام آلة الحفر التقليدية. ففي دراسةٍ أسترالية استمرَّت لسبع سنوات، توصَّل الباحثون إلى أنَّ الحاجةَ إلى الحشوة السنية تنتفي بنسبة 30-50 في المائة لدى المرضى الذين يعتنون جيِّداً بأسنانهم بعدَ ظهور العلامات الأولى للنخر السني.

 

يقول المُعدُّ الرئيسي للدراسة وينديل إيفانز، الأستاذ المساعد بكلِّية طب الأسنان بجامعة سيدني: “ليس من الضروري دائماً معالجةُ النخور السنِّية بالحشوات التقليدية، فلا حاجةَ لها في العديد من حالات النخر السني؛ إنَّني أؤمن بضرورة تبنّي طرائق مختلفة كُلياً في علاج النخور السنية”.

يعتقد الكثيرُ من الناس بأنَّ أصغرَ النخور السنية تحتاج إلى المعالجة بالحشوات التقليدية. ولكنَّ إيفانز يرفض هذه الفكرةَ، ويقول بأنَّه ليس من الضروري أن تزدادَ النخورُ السنية؛ وإذا حصل ذلك، فهو يكون بسرعة أبطأ كثيراً ممَّا يعتقد الناس.

يُضيف إيفانز: “على سبيل المثال، يحتاج النخرُ السني لكي ينتقلَ من الطبقة الخارجية (الميناء) إلى الطبقة الداخلية (العاج) لفترة تتراوح بين أربع إلى ثماني سنوات. وبذلك، فهناك متَّسع من الوقت لاكتشاف النخر وعلاجه في مراحله الأولى قبلَ أن يزدادَ ويصبح بحاجة إلى حشوة”.

يقوم أسلوبُ العلاج السني من دون آلة حفر، التي طوَّرها إيفانز وزملاؤه، على أربعة مفاهيم: تطبيق سوائل موضعية عالية التركيز من الفلوريد على مكان النخر الحديث، وإيلاء العناية بتفريش الأسنان في المنزل، والامتناع عن تناول الوجبات الطعامية الصغيرة بين الوجبات الرئيسية، والامتناع عن تناول المشروبات المُحلاَّة بالسكَّر، وأخيراً الزيارات الدورية لطبيب الأسنان.

يقول إيفانز: “إنَّ تطبيقَ هذه المقاربة على المرضى في بعض عيادات طب الأسنان قد أظهر بأنَّ النخرَ توقَّف، وحلَّت مكانه طبقةٌ سليمة، وبذلك انتفت الحاجةُ لحفر الأسنان ووضع حشوة في الفراغ الناجم عن الحفرة”.

ولكن، هل يعني ذلك أنَّنا على أبواب التخلّص نهائياً من الحشوات التقليدية؟ يجيب إيفانز عن هذا السؤال بالنفي؛ لأنَّ النخورَ السنية المتقدِّمة تحتاج بلا شك إلى معالجتها بالحفر والحشو التقليدي، وذلك للتعويض عن النقص الحاصل مسبقاً في المادة السنِّية.

وفي معرض التعليق على الدراسة، يعتقد بعضُ أطباء الأسنان بأنَّ هذه الطريقةَ لها فوائدها وآفاقها المستقبلية، كما أنَّها مطبَّقةٌ الآن بالفعل في بعض الحالات.

يقول الدكتور باول كريسبي، مدير قسم طب أسنان الأطفال في مركز كوهين لطب الأطفال بمدينة نيو هايد بارك الأمريكية: “إن هذه المقاربةَ هي المقاربة المعيارية للأطفال المصنَّفين على أنهم يواجهون خطراً متزايداً للإصابة بالنخر السني، حيث يُعالج هؤلاء الأطفالُ بسوائل الفلوريد الموضعيَّة عالية التركيز، وتعديل نمطهم الغذائي، وبمواد سنِّية علاجية تمتلك القدرةَ على إزالة النخر دون تطبيق حشوات تقليدية”.

وقد أشار الدكتور كريسبي إلى أنَّ منظمةَ الغذاء والدواء الأمريكية قد وافقت في شهر أبريل المنصرم على استعمال مُركَّب يُدعى فلوريد ديامين الصوديوم sodium diamine fluoride، يمكنه إيقاف أو عكس النخور السنِّية الواضحة دون الحاجة إلى حفر السن.

من جهةٍ أخرى، يقول الدكتور جون بفيل، رئيس قسم طب الأسنان بمركز ماونت سيناي الطبي بمدينة نيويورك: “إن تشكُّلَ النخر هو أمر يمكن تجنّبه تماماً من خلال العناية المناسبة، والمحافظة على الصحة الفموية، والالتزام بالعادات الغذائية الصحية”.

وبحسب الدكتور بفيل، فثمّة بعض المآخذ على الدراسة؛ فقد اعتذر نصفُ أطباء الأسنان المشاركين في الدراسة عن المتابعة فيها حتى النهاية، كما أنَّ مقاربة عدم استخدام آلة الحفر يعتمد إلى حدٍّ بعيد على التزام المريض بتعليمات طبيب الأسنان وتنفيذها بحذافيرها، وهذا ليس سهلاً أبداً في أيَّامنا هذه، لأن الثقافةَ الحديثة تشجع على تناول المأكولات والمشروبات السكَّرية أكثر من أي وقت مضى. وإنَّ تشجيعَ الناس على اتباع عادات فموية صحية هو التحدِّي الأكبر الذي يواجه أطبَّاءَ الأسنان.

زر الذهاب إلى الأعلى