يرى خبراءٌ أمريكيُّون في طبِّ العيون أنَّ الأطفالَ، الذين يقضون فتراتٍ طويلةً من الزمن داخلَ المنازل وأمام شاشات الحواسيب وغيرها من الأجهزة الإلكترونية، قد يزداد خطرُ قِصَر النظر لديهم. لقد تضاعف انتشارُ قِصَر النَّظر، أو يُدعى الحَسَر myopia، لدى الأمريكيين مرَّتين تقريباً خلال 50 سنة.
ويعتقد أطبَّاءُ العيون أنَّ هذه الزيادةَ ناجمةٌ عن “العمل عن قرب”، أي التركيز على أشياء قريبة إلى العينين، وعن نقص الوقت الذي يقضيه الأطفالُ في الضوء الطبيعي خارجَ المنازل والأماكن المغلقة.
قال الدكتور روهيت فارما، مديرُ معهد العيون بجامعة ساوثيرن كاليفورنيا في لوس أنجلس “يقضي الأطفالُ قدراً كبيراً من الوقت في أنشطة داخلية مع الأجهزة الخلويَّة cellphones والأجهزة اللوحية iPads والحواسيب … إلخ، لاسيَّما عندما يكون هؤلاء الأطفالُ صغاراً، حيث يمارسون الألعابَ الإلكترونية داخل الأماكن المغلقة، وتكون تلك الأشياءُ قريبةً جداً من أعينهم وفي ضوء خافت، ممَّا يساهم بشكلٍ رئيسي في قِصَر النَّظَر لديهم”.
قال الدكتور ك. ديفيد إبلاي، الناطقُ باسم الأكاديميَّة الأمريكيَّة لطبِّ العيون: يمكن أن يُصابَ أيُّ شخصٍ بقصَر النَّظَر، ولكنَّه أكثر شيوعاً في الأشخاص الذين لديهم والدان مُصابان به. كما أنَّ هذه الحالةَ أكثرُ انتشاراً بكثير في المناطق الصناعية والمدنيَّة منها في المناطق الريفيَّة.
هناك استعدادٌ وراثي لقِصَر النظر لدى الأطفال من أصول شرق آسيويَّة، لكنَّ عادات أولئك الأطفال في تلك المناطق قد يزيد من معدَّلات قِصَر النَّظَر أكثر؛ فالمعدَّلُ الحالي لقِصَر النَّظَر في الصِّغار في الصين هو 90 في المائة مقارنةً مع نحو 10-20 في المائة قبلَ 60 سنة؛ بينما هو 42 في المائة عند الأمريكيين بعمر 12-54 سنة.
لاحظ أطبَّاءُ العيون الفرقَ في عادات العمل الصينيين والأمريكيين؛ فالأطفالُ في الصين يُنفِقون زُهاء 12 ساعة من اليوم في الأعمال القريبة للعيون، بالمقارنة مع نحو 9 ساعات يُنفِقها نظراؤهم من الأمريكيين.
يحدث قِصَرُ النَّظَر عندما تكون العينان قادرتَين على التركيز للقريب، بينما لا تستطيعان التركيزَ للبعيد. ويحدث ذلك عادةً عندما تنمو العينُ طولياً بشكلٍ زائد، بحيث لا تقع أفضلُ نقطةِ تركيز بشكلٍ جيِّد على المنطقة الموجودة في القسم الخلفي من العين، أي الشبكية.
عندما تعجز عدسةُ العين عن تركيز الضوء على الشبكيَّة، تصبح الصورةُ مشوَّشةً. وفي حالة الحسر أو قِصَر البصر، تكون الشبكيَّةُ بعيدةً كثيراً عن نقطة التركيز إلى أن تقتربَ الأجسامُ المرئيَّة من العين.
قال إبلاي “نحن نشجِّع أطفالَنا على القراءة، ولكن ليس أمراً صحِّياً أن يقرأوا لساعات متواصلة من دون أن يبعدوا أعينَهم عن الكتاب. لذلك، لابدَّ من تشجيعهم على أخذ فترات راحة لمدَّة 20 ثانية، كلَّ 20 دقيقة”.
ومع أنَّه لا توجد دراساتٌ حاسمة حول أنَّ الضوءَ الخافت ضارٌّ بالعينين، لكنَّه يحتاج إلى المزيد من المطابقة accommodation والتركيز، ممَّا قد يؤدِّي إلى إجهاد العينين. لذلك، يجب التأكُّد دائماً من أنَّ الأطفالَ يقرأون في ضوء ساطع.
إنَّ قضاءَ الأطفال للمزيد من الوقت في اللعب خارج المنزل والأماكن المغلقة هو طريقةٌ مهمَّة للمساعدة على الوقاية من قِصَر النظر، فضلاً عن فائدة ذلك من الناحية الصحِّية بشكلٍ عام، بما في ذلك التعرُّضُ للضوء الطبيعي. وعندما يحتاج الأطفالُ إلى البقاء داخل المنازل أو الأماكن المغلقة، فلابدَّ من وجود نوافذ زجاجيَّة كبيرة تؤمِّن الرؤيةَ البعيدة والتعرُّض للضوء الطبيعي.
المصدر : kaahe