أشارَت دِراسةٌ حديثةٌ إلى أنَّ الوِلادة الطبيعيَّة والرِّضاعة الطبيعيَّة، تُحدِثان فرقاً ملحُوظاً في تركيبة البكتيريا في أمعاء الرُّضع. ركَّز الباحِثون في هذه الدِّراسة على تركيبة مجموعات البكتيريا في الجهاز الهضميّ، التي تتواجد بشكلٍ رئيسيّ في الأمعاء الغليظة وتُعدُّ أساسيَّةً لجِهاز المناعة والتغذِية الجيِّدة.
رصدَ الباحِثون سِجلّات الوِلادة والرِّضاعة لأكثر من 100 طفل في عُمر 6 أشهر، ووجدوا أنَّ الذين وُلِدوا وِلادةً طبيعيَّةً، كانت تركيبة بكتيريا الأمعاء لديهم مُختلِفةً عن نظيرتها عند الصِّغار الذين وُلدوا بعمليَّة قيصريَّة cesarean section.
كما وجدَ الباحِثون أيضاً اختِلافات بين الصِّغار الذين تلقَّوا رضاعةً طبيعيَّة فقط، والصِّغار الذين استخدمت أمهاتهنَّ الحليب الصناعي أو مزيج من الحليب الصناعي والرِّضاعة الطبيعيَّة.
قالت مُساعِدة مُعدّ الدِّراسة آن غيتوود هوين، الأستاذة المُساعِدة في علم الأمراض وعلوم البيانات الطبية الحيويَّة لدى كليَّة غيسيل للطبّ في ديرموث: “لم نتوصَّل إلى معلوماتٍ دقيقةٍ حول ما إذا كانت مثل هذه الاختِلافات تُؤثِّرُ في صحَّة الصغير على المدى القصير أو الطويل، فدراستنا لم تُبيِّن وُجود صِلات بالعواقب الصحيَّة في الوقت الرَّاهِن”.
قالَ مُعِدُّو الدِّراسة إنَّهم شعروا بالمُفاجأة عندما اكتشفوا أنَّه من بعد 6 أشهر من الوِلادة، بدت مجموعات البكتيريا في الأمعاء متأثرة بطريقة الوِلادة وبطريقة الرِّضاعة أيضاً، ممَّا يُشيرُ إلى دور مهمّ جداً لما يحدُث في أثناء عمليَّة الوِلادة بالنسبة إلى تركيبة هذه البكتيريا، وأنَّ هذا التأثير يستمر لفتراتٍ طويلة من العُمر.
نوَّه مُعدُّو الدِّراسة إلى أنَّ الوِلادة القيصريَّة تترافق مع زِيادة في خطر البدَانة والرَّبو والدَّاء البطنيّ أو الزُّلاقي celiac disease وداء السكَّري من النَّوع الأوَّل، وبالمُقارنة مع استِخدام زُجاجة الإرضاع، ترتبِطُ الرِّضاعة الطبيعيَّة بانخِفاض خطر أمراضٍ مثل الرَّبو والبدانة والعدوى والمُتلازِمة الاستقلابيَّة (الأيضيَّة) metabolic syndrome والسكَّري.
قالَ الباحِثون إنَّ فحوصات عيِّنات البراز من الرُّضع، بيَّنت أنَّ طريقة وِلادة الصغار، أثَّرت في الاختِلافات بين بكتيريا الأمعاء بنفس تأثير النِّظام الغذائيّ.
كما وجدَ الباحِثون أيضاً أنَّ الصِّغار الذين استخدمت أمهاتهم الحليب الصناعي والرِّضاعة الطبيعيَّة معاً، كانت تركيبة بكتيريا الأمعاء لديهم في الأسبوع السادِس من العُمر، مُشابِهةً جداً لتركيبة بكتيريا الأمعاء عند الصِّغار الذين استخدمت أمهاتهم الحليب الصناعي فقط لتغذيتهم.
قالَ مُعِدُّو الدِّراسة إنَّ انعِكاس هذا الأمر على صحَّة الصغار عندما يكبرون، يبقى غير واضح، ولكنَّهم أضافوا أنَّ النتائج تدعم التوصيات الحاليَّة حول استخدام الوِلادة الطبيعيَّة إن لم يكن هناك سبب طبِّي يمنع الأم من ذلك، وبضرورة تجنُّب الوِلادة القيصريَّة إلّا عند وُجود ضرورات طبيَّة، وبالنسبة للرِّضاعة الطبيعيَّة، تبقى الخيار الأفضل لجميع الأمَّهات.
قال الدكتور مارك كوركينز، اختصاصيّ التغذية لدى مركز العلوم الصحيَّة في جامِعة تينيسي في ممفيس: “من الواضِح أنَّ طريقة الوِلادة تُحدِثُ فرقاً، فالجنين لا يمتلك أيَّة بكتيريا عندما يكون في رحِم أمَّه، بل تنتقل إليه البكتيريا في أثناء وِلادته، لأن مهبل الأم ليس مُعقَّماً، ونحن نتحدُّث هنا عن الوِلادة الطبيعيَّة؛ أما بالنسبة إلى الوِلادة القيصريَّة، فالأمر مُختلِف، حيث لا يحصل الصغير على نفس البكتيريا من خلال الوِلادة الطبيعيَّة، لأنَّ بيئة غرفة الوِلادة تكون مُعقَّمة بشكلٍ جيِّد، وبذلك تكون نوعيَّة البكتيريا خاصَّة بالمُستشفى”.
“وبالنسبة إلى الرِّضاعة، لا يُمكن للحليب الصناعي أن يمنح الرّضيع نفس الأشياء التي يحتويها حليب الثَّدي، ونعني هنا عوامِل النموّ، أي الأشياء التي تدعم نموّ البكتيريا الجيِّدة التي تُوجد في أمعائنا بشكلٍ طبيعيّ”.
المصدر : kaahe