يجري الترويجُ للسجائر الإلكترونيَّة على أنَّها وسيلةٌ لمساعدة المدخِّنين على الإقلاع عن هذه العادة، ولكنَّ دراسةً جديدة تؤكِّدُ أنَّ هذه الأدوات تعدُّ مُعيقةً بدلاً من أن تكونَ مفيدةً في الإقلاع عن التدخين.
ووفقاً لمراجعةٍ سابقة للأدلَّة، فإنَّ استعمالَ السجائر الإلكترونيَّة يؤدِّي إلى حدوث نقصٍ فِعليٍّ في فرص الإقلاع عن التدخين بنسبةٍ تُقارب 28%.
قال كبيرُ معدِّي هذه الدراسة ستانتون غلانتز، الأستاذ في جامعة كاليفورنيا، في مركز أبحاث التثقيف ومكافحة التدخين في سان فرانسيسكو “وجدنا أنَّ استعمالَ السجائر الإلكترونيَّة كان مرتبطاً بشكلٍ واضحٍ بانخفاض عدد المُقلِعين عن التدخين”. ويجري الترويجُ لهذه السجائر الإلكترونيَّة كوسيلةٍ للإقلاع عن التدخين، ولكن ما يحدثُ في الواقع هو عكس ذلك تماماً”.
السجائرُ الإلكترونيَّة هي أجهزةٍ أو أدواتٌ تعمل بالبطَّارية، تقوم بتسخين النيكوتين والمواد المُنَكِّهة لتشكيل دخانٍ يستنشقه من يستعملها.
ويدَّعي القائمون على صناعة السجائر الإلكترونيَّة أنَّ هذه الأجهزةَ هي بديلٌ صحيٌّ عن سجائر التبغ التقليديَّة، لأنَّ من يستعملها لا يستنشقُ دخاناً مُسرطِناً. كما ادَّعوا أيضاً أنَّه بإمكان المدخِّنين استعمالها للتَّخلُّص التَّدريجي من إدمان التدخين.
وقد قوبِلَت هذه المزاعمُ بشيءٍ من الاعتراض من قِبَل المجتمع الطبِّي؛ فمثلاً، توصَّل فريقُ عمل الخدمات الوقائيَّة الأمريكي خلال عام 2015 إلى عدم وجود أدلَّةٍ كافيةٍ على اقتراح استعمال هذه الأجهزة للمساعدة على الإقلاع عن التدخين.
قام فريقُ غلانتز بمراجعة 38 دراسةٍ حولَ تقييم العلاقة بين استعمال السجائر الإلكترونيَّة والتوقُّف عن التدخين، وذلك لمعرفة مدى دعم الدراسات الحديثة لادِّعاءات مُصنِّعي هذه السجائر.
ثمَّ قام مُعِدُّو هذه الدراسة – بعدَ ذلك – بجمع نتائج 20 دراسة ضمَّت مجموعات شاهدة لمدخِّنين لا يستعملون السجائرَ الإلكترونيَّة، ومقارنتها مع النتائج عندَ مدخِّنين يستعملون تلك السجائرَ أيضاً، وذلك لمعرفة المجموعة التي أقلَعَ فيها عددٌ أكبر عن التدخين.
وقد انتهى الباحثون إلى أنَّ فرصَ الإقلاع عن التدخين كانت أقلّ بنسبة 28% عند مجموعة المدخِّنين التي استعملت السجائرَ الإلكترونيَّة، مقارنةً بالمجموعة التي لم تستعمل تلك السجائر. ولم تتغيَّر النتيجةُ حتَّى بعدَ أن أخذَ الباحثون بعين الاعتبار الفوارقَ بين المشاركين في الدراسة، ودرجة إدمان المُدخِّنين على النيكوتين، وتصميم الدراسات، ومعايير استعمال السجائر الإلكترونيَّة.
قال الدكتور نورمان إيدلمان، كبيرُ المستشارين العلميين لرابطة الرئة الأمريكيَّة: قد يحدث تداخلٌ بين استعمال السجائر الإلكترونيَّة وبين الجهود الرامية إلى الإقلاع عن التدخين، وذلك من خلال استمرار حصول من يستعملها على النيكوتين.
وأضاف إيدلمان “وهذا يُشير ببساطة إلى أنَّ استبدالَ طريقة دخول النيكوتين إلى الجسم بطريقةٍ أخرى لا يؤدِّي إلى الامتناع عن استعمال الطريقة الأولى؛ حيث لن يتوقَّفَ الأشخاصُ عن تدخين السجائر بشكلٍ طبيعي، حتى لو كان سعرُ السجائر الإلكترونيَّة رخيصاً أكثر، واستعمالُها أكثرَ أمناً”.
كما تساعد السجائرُ الإلكترونيَّة أيضاً على استمرار إدمان المدخِّنين من خلال إمكانية حصولهم على النيكوتين في الأماكن المغلقة، أي في الأماكن التي يُحظَرُ فيها التدخين عادةً.
وبذلك، فهذه السجائرُ تُعزِّزُ استمرارَ التدخين من خلال إمكانيَّة التدخين في الأوقات التي يُمنَعُ فيها ذلك بالشكل التقليدي، وهذا يُخالِف خطَّةَ الإقلاع عن التدخين، ويُشجِّع على استمراره.
أضاف غلانتز: “تَظهرُ هنا ضرورة قيام هيئة الغذاء والدواء الأمريكيَّة باتِّخاذ الإجراءات الصارمة ضدَّ مزاعم شركات تصنيع السجائر الإلكترونيَّة؛ فهذه الإجراءاتُ سوف تُفيدُ في الإقلاع عن التدخين؛ فهذه الشركاتُ لا تُضلِّل الناسَ فقط، وبل تُلحِق الضررَ بمن يستعملها – في الواقع – من خلال الحدِّ من فرص إقلاع المدخِّنين الحاليين”.
المصدر : kaahe