علوم وتكنولوجيا

هل تؤثر فصول العام في طريقة تفكير الإنسان؟

أشارَت دِراسةٌ حديثةٌ إلى أنَّ القُدرةَ العقليَّة عندَ الإنسان تكون في أعلى درجاتها في أوقاتٍ مُعيَّنةٍ من العام؛ ولكن نوَّه مُساعِد مُعدّ الدراسة غيليس فانديوال، من جامِعة ليغي في بلجيكا، إلى أنَّ هذا الاختِلافَ الظاهر في قُدرات الدِّماغ لا يبدو ملحُوظاً على أرض الواقِع.

قال فانديوال: “يبدو أنَّ الأمرَ قد يكون أكثر أهميَّةً بالنسبة لبعض الناس، ونعني هنا الأشخاص الذين يُعانون من الاضطراب العاطفيّ الموسميّ seasonal effective disorder، أي الاكتِئاب في أثناء أشهرٍ مُعيَّنةٍ من العام، حيث من المُحتَمل أن يكونوا أكثرَ عرضةً لتأثيرات الفصل في الدِّماغ.

“نحن نعلم أنَّ فُصولَ العام مهمَّة جداً بالنسبة إلى الحيوانات من ناحية التزاوُج والسُّبات الشتوي، بينما يتأثَّر مزاجُ البشر بتلك الفُصول”.

قالَ الباحِثون إنَّ حوالي 5 في المائة من سكان الوِلايات المُتَّحِدة يُعانونَ من الاضطراب العاطفيّ الموسميّ، وهو اضطرابٌ يُحرِّض أعراضاً من نمط الاكتئاب تحدُث في أثناء فصل الخريف والشِّتاء عادةً. ومن الشائع استِخدام العلاج بالضوء لهذا الاضطراب، ممَّا يشير إلى احتِمال وجود صِلةٍ بينه وبين الاختِلافات الموسميَّة في ضوء الشَّمس.

قال فانديوال: “تُؤثِّرُ فصولُ العام في الهرمونات أيضاً وفي جِهاز المناعة والنواقِل العصبيَّة (مواد كيميائيَّة في الدِّماغ)، وقد أشارَ بحثٌ سابِقٌ إلى أنَّ الفُصولَ تُؤثِّرُ في قدرات التفكير، ولكن لم تكن النتائج حاسِمة”.

تفحَّصَ الباحِثون حالات 14 رجلاً و14 امرأةً بمُتوسِّط عُمر 21 عاماً، وفي أوقاتٍ مُختلِفةٍ من العام بين شهر أيَّار/مايو 2010 وشهر تشرين الأوَّل/أكتوبر 2011. أمضى المُشارِكون 4 أيَّام ونصف في مُختبراتٍ مُصمَّمة بحيث لا يعلم المُشارِكُ ما هو الفصل في الخارِج، ولا تُوجد فيها أبواب إلى العالم الخارجيّ.

تفحَّصَ الباحِثون صوراً لأدمغة المُشاركين لمعرِفة كيف كان أداؤهم في مهمَّات لاختبار القُدرةَ على الانتِباه، وتذكُّر الأشياء على المدى القصير.

بيَّنت صُورُ الدِّماغ أنَّ مهارات المُشاركين بالنسبة، إلى الانتِباه، كانت الأفضل عند الانقلاب الصيفيّ في شهر حزيران/يونيو، بينما كانت الأسوأَ عند الانقِلاب الشتويّ في شهر كانون الأوَّل/ديسمبر؛ وكانت الذَّاكِرة على المدى القصير الأفضل في فصل الخريف والأسوأ في فصل الرَّبيع.

قال فانديوال: “لن تكون هذه الاختِلافاتُ في وظائف الدِّماغ ملحُوظةً في الحياة اليوميَّة، إنَّما يحدث تغيُّرٌ في مقدار نشاط الدِّماغ”. “نعتقِدُ أنَّ السببَ قد يعود إلى فُصول العام، ولكن لا نعلم كيف تُؤثِّر هذه الفُصول فعليَّاً في الدِّماغ، وربَّما تُمارس التغيُّراتُ الموسميَّة في الرطوبة ودرجات الحرارة وطول النهار، وحتى التفاعل الاجتِماعي بين الناس، دوراً في الأمر، بمعنى آخر، قد تكون هناك عوامِل مُتعدِّدة”.

قالت إكسينيا غوندا، الأستاذة المُساعِدة لدى جامعة سيميلويس في هنغاريا: “هذه الدراسة مهمَّة، لأنَّها تُقدِّم المزيد من المعلومات حول الدِّماغ وكيف يتأقلم البشر مع البيئة التي يعيشون فيها؛ وأعتقد أنَّها تنفع في ابتِكار طُرقٍ أفضل في تشخيص وعلاج الاضطراب العاطفيّ الموسميّ. تستهدِفُ مُعظمُ طرق المُعالجة حالياً أعراضَ المزاج، ولكن لا يوجد ما يؤكِّد تحسُّن الأعراض المعرفيَّة، مثل النسيان ونقص الانتباه”.

المصدر : kaahe

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى