علوم وتكنولوجيا

أكل الماء أكثر فائدةً لصحّتك من شربه.

نسمع كلّ يوم أن شرب لترين أو 8 أكواب من الماء كل يوم عادةٌ ضرورية، وهكذا ظهرت موضة الهوس بشرب الماء، وصار الناس يحملون قنينة الماء معهم في كل مكان ليشربوا ويرطبوا أجسامهم.

لكن صحيفة الديلي ميل البريطانية ذكرت في تقرير لها في 18 فبراير/شباط أن كلَّ هذه الجهود مضيعةٌ للوقت!

فالخبراء يقولون أنه من الأفضل الحصول على كميات الماء المطلوبة يومياً لا عن طريق الشرب، بل عن طريق الأكل.

الماء ضروري لصحّة الجسد وقيامه بوظائفه العديدة، والعديد من أنسجة الجسم الرقيقة بحاجة إلى الترطيب المستمر (مثل الفم والعينين والأنف)، فضلاً عن ترطيب وتشحيم الغضاريف وتوصيل المواد المغذية إلى أنحاء الجسم والحفاظ على درجة حرارة الجسم وعملية الهضم، وأخيراً يساعد على التخلص من الفضلات.

ربع احتياجاتنا من الماء في الطعام

كما أن الكثيرين من خبراء التجميل ينصحون بتناول الماء من أجل نضارة الجلد وخصوصاً في أواسط العمر، لأن جسم الإنسان مع تقدم العمر يخسر كثيراً من الماء الذي يبلغ عند الولادة أكثر من 75%، مقارنة بنسبة 50% فقط عندما نصل سن الخمسين من العمر.

لكنّ الخبراء يقولون أن فكرة “الإكثار من شرب الماء” تعرّضت لكثير من المبالغة، وأنّ ربع احتياجاتنا من الماء يومياً تأتي من الطعام.

يوجد الماء في كل الأطعمة التي نتناولها، وحتى شريحة الخبز تحتوي على 33% ماء، لكن الخضار والفاكهة تتفوق على غيرها من الأطعمة في احتوائها على أكبر قدر من الماء، فالخيار والخس والفجل مثلاً تتكون من أكثر من 95% ماء.

الأطعمة الغنية بالماء بدلاً من شربه

وبهذا فإن التوجه الجديد هو نحو تناول هذه الأطعمة الغنية بالماء بدلاً من عبء حمل زجاجات الماء والقناني.

د. هاوارد مراد أستاذ الطب العيادي في جامعة كاليفورنيا بلوس آنجلوس ومؤلف كتاب “سر الماء” قال: “إن شرب الماء بالشكل السليم يكمن في الاحتفاظ بالماء داخل الجسم وليس في شربه ليمر عبر الجسم ويخرج منه دفعة واحدة.”

وقال د. مراد أيضاً أن الإكثار من شرب الماء قد يحرم الجسم من الفيتامينات والمعادن الموجودة فيه ويذهب بها إن خرجت من الجسم مع الماء بسرعة كبيرة، لكنه أضاف: “ليس خطأ شرب الماء شرباً، لكننا إذا لم نحسّن من قدرة الجسم على الاحتفاظ به داخل خلايانا، فسيضيع الماء هدراً في الحمام دون فائدة.”

وحذر أيضاً من أن شرب 8 كؤوس كبيرة من الماء يعني الاستئذان للذهاب إلى الحمام 8 مرات دون وصول أي من ذاك الماء إلى الخلايا، وأن أعراضاً مثل انتفاخ العينين والكاحل والمعدة كلها إشارات إلى عدم تمكن الجسم من الاحتفاظ بالماء لأنه “يطفو بين الخلايا، وهو ما يجعلنا نهرم ونشيخ ونشعر بالبدانة والثقل.”

الفائدة في الماء المأكول أكثر

أما الفرق بين الماء المشروب والمأكول فهو أن ذاك الأخير مختلف تماماً لأنه يدخل الجسم محاطاً بجزيئات الطعام التي تسهّل دخوله إلى خلايانا وامتصاصه فيها وبقاءه هناك لفترة تكفي أداء مهامه الوظيفية.

يقول د. مراد إن الأطعمة الغنية بالماء تجعل الجسم يمتصّ الماء ببطء لأنه جزء من تركيب هذه الأطعمة. الامتصاص البطيء معناه بقاء الطعام في أجسامنا أكثر، ما يعود علينا بعدة فوائد.

هل تعلم أن الدراسات تثبت أن الخضار والفاكهة ترطب وتروي الجسم بفعالية مضاعفة مقارنةً بكأس من الماء؟

فقد وجدت دراسة أجريت في كلية الطب بجامعة أبيردين الإسكتلندية أن السكريات الطبيعية والبروتينات والأملاح المعدنية والفيتامينات الموجودة في الفواكه والخضار الغنية بالماء كلها تعوض الضياع الناتج عن الحركة والمجهود، ويسمى ذلك في نظر د. مراد “الماء التركيبي”.

يعني ذلك أنك إن تناولت خيارة تزن 100 غرام (بها 96% ماء)، تكون قد “شربت” سائلاً مائياً غنياً بالمواد المغذية التي تسمح لهذا الماء بدخول جسمك والبقاء في خلاياه والاستفادة الفعلية من كل هذه المغذيات.

وإضافة إلى ذلك فبتناولك للماء “أكلاً” هكذا، تكون قد عددت من مصادر غذائك النباتية وتناولت أكثر من 5 حبات خضار وفاكهة التي هي الحد الأدنى الموصى به يومياً من قبل أطباء أمراض السرطان، ناهيك عن خسارة الوزن.

تقول د. سارة شينكر خبيرة التغذية أن الأطعمة الغنية بالماء تكون فقيرة بالسعرات الحرارية، كما أنها تشعر الإنسان بالشبع لفترة أطول، وبذلك لا يحرم الإنسان نفسه من الطعام، بل “يشرب” الماء ممزوجاً بالمواد المغذية التي تفيد الجسم وتسهل امتصاص الماء.

وتنصح د. شنيكر أن تكون الأولوية لتناول الخضار لأن الإكثار من الفاكهة من شأنه رفع مستوى السكر في الدم، كما تنصح بتناول الخضراوات نيئة أو مطبوخة طبخاً خفيفاً لأن الطبخ يدمر الجدران الخلوية، ما يجعل الماء يتسرب منها، ذاهباً بكل الفوائد معه.

لكنها توصي أيضاً أن يتدرج الإنسان في التغيير من “شرب” الماء إلى “أكله” لأن التحول الفجائي سيرفع مستوى الألياف لديك بشكل غير معهود، ما سيبقيك في الحمام لسبب مختلف تماماً.

المصدر : huffpostarabi

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى