أشارَت دِراسةٌ حديثةٌ إلى أنَّ الأطفال الذين ولدتهم أمَّهات اعتدنَ التدخين بكثافة، قد يُواجِهون زِيادةً في خطر الإصابة بالدَّاء الرِّئويّ الانسِداديّ المُزمِن chronic obstructive pulmonary disease عندما يُصبِحون بالغين.
رصدَ الباحِثون خطر الإصابة بهذا المرض عند حوالي 1400 بالغٍ، ووجدوا أنَّ تدخين الأمَّهات بكثافة، أي أكثر من 20 سيجارة في اليوم، زادَ من خطر إصابة الأطفال بهذا المرض على المدى الطويل بحوالي 3 أضعاف.
قالت مُعدَّة الدِّراسة جينيفر بيريت، من مركز Air Quality and Evaluation التابع لجامِعة ملبورن الأستراليَّة: “لم نتفاجأ بالنتائِج، فالتدخين يُمكن أن يُؤدِّي إلى عجزٍ في وظائِف الرِّئة عندما يصل الإنسان إلى مُنتصَف العُمر؛ وبذلك توقَّعنا أن يؤدِّي تدخين الأمّ إلى ضعفٍ في وظائف الرِّئة عند طفلها، ويجعله عرضةً للإصابة بمشاكل الرئة عندما يُصبِحُ بالِغاً”.
يجب التنويه إلى أنَّ الدراسة لم تُبرهِن على أنَّ تدخين الأم بكثافة أدَّى بشكلٍ مُباشر إلى زِيادة خطر إصابة الطفل لاحِقاً بالدَّاء الرِّئويّ الانسِداديّ المُزمِن، إنما وجدت مُجرَّد ارتِباط بينهما.
قالَ الباحِثون إنَّه وفقاً للمعهد القوميّ الأمريكيّ للقلب والرِّئة والدَّم، يُعدُّ الدَّاء الرِّئويّ الانسِداديّ المُزمِن من الأمراض التي تتفاقم تدريجيَّاً وتُؤثِّرُ بشكلٍ سلبيّ في قُدرة الإنسان على التنفُّس، ويُعدُّ التدخين السبب الرئيسيّ لهذا المرض الذي يأتي حالياً في المرتبة الثالثة ضمن قائمة الأمراض التي تُؤدِّي إلى الوفاة في مُعظم بلدان العالم.
تفحَّصَ الباحِثون بياناتٍ جُمِعت في العام 2004 لأكثر من 5700 رجلٍ وامرأة بمُتوسِّط عُمر 45 عاماً، ووجدوا أنَّ حوالي 40 في المائة منهم قالوا إنَّهم عندما كانوا في السابعة من العُمر، عاشوا مع أمَّهاتٍ مُدخِّناتٍ، وقالت نسبة 17 في المائة إنَّ أمهاتهم دخَّنَّ بكثافةٍ، بينما قالت نسبة 60 في المائة إنَّهم ترعرعوا مع آباءٍ مُدخِّنين (34 في المائة منهم من المُدخِّنين بشراهة).
قالت نسبة 12 في المائة إنَّهم ترعرعوا في كنفِ عائلةٍ اعتاد فيها الأبّ والأمّ معاً التدخين بشراهة، بينما قالت نسبة 8 في المائة فقط إنَّهم ترعرعوا في كنفِ عائلةٍ كانت الأمَّ لوحدها هي المُدخِّنة فيها.
قالت نسبة 66 في المائة تقريباً من المُشارِكين إنَّه كان لديهم تارِيخ للرَّبو، وقالت نسبة 25 في المائة إنَّهم ما يزالون يُعانون من هذه المرض الرئويّ، وقال أكثر من 4 من أصل 10، إنَّهم لم يُدخِّنوا أبداً بشكلٍ مُباشِر.
قالَ الباحِثون إنَّ حوالي 1400 مُشارِكٍ خضعوا لفُحوصاتٍ حول وظائِف الرِّئة بين العامين 2006 و2008، ولم يكتِشِف الباحِثون أيّ دليل على زِيادة خطر الدَّاء الرِّئويّ الانسِداديّ المُزمِن عند الأشخاص الذين ترعرعوا مع آباءٍ من المُدخِّنين، أو أمَّهاتٍ دخَّنَ أقل من 20 سيجارةٍ في اليَّوم.
ولكن وجدَ الباحِثون أنَّ الذين ترعرعوا مع أمَّهاتٍ دخَّنَ بكثافةٍ، كانوا أكثر عرضةً بحوالي 2.7 من المرَّات لنوعٍ من ضعف وظائف الرِّئة الذي يُعدُّ مُؤشِّراً على الدَّاء الرِّئويّ الانسِداديّ المُزمِن، وذلك بالمُقارنة مع البقيَّة؛ كما بيَّنت الفُحوصات الإضافيَّة أنَّ الزِيادة في خطر هذا المرض والتي لُوحِظت عند الأبناء الذين كانوا من المُدخِّنين هُم أنفسهم، وصلت إلى ارتفاعاتٍ كبيرة عندما ترعرع الأبناء مع أمَّهاتٍ دخَّنَّ بكثافةٍ.
قالَ الباحِثون إنَّه وجدوا مُؤشِّراتٍ على أنَّ الأولاد ربَّما كانوا بشكلٍ ما أكثر عرضةً للتأثيرات السلبيَّة لتدخين الأمّ بالمُقارنةِ مع البنات، وقالت بيريت إنَّ هذا قد يُعود إلى طيفٍ من الاختِلافات البيولوجيَّة استناداً إلى الجنس تظهر خلال مرحلة النموّ في الطفولة.
أضاف الباحِثون أنَّ النتائِج يجب أن تدعمَ التوصيات الحالية حول ضرورة تجنُّب التدخين من قِبل الحوامِل والأمَّهات اليافِعات.
قالت بيريت: “بالنسبة إلى الأشخاص الذين دخَّنت أمهاتهم بشراهة عند كانوا صِغاراً، ننصحهم بمُراجعة الطبيب في حال ظهرت عليهم بعض الأعراض مثل صُعوبة التنفُّس عند الإجهاد، والسُّعال أو البلغم”.
“نعتقد أنَّ هناك تولِيفة من التأثيرات تنطوي على حالات تعرُّض أخرى للتدخين والبيئة، ولهذا يجب نصح الأمَّهات بعدم التدخين مطلقاً وتجنُّب الأماكن المُغبرَّة والملوَّثة قد الإمكان”.
قالَ الدكتور ديفيد مانينو، من مُؤسَّسة الدَّاء الرِّئويّ الانسِداديّ المُزمِن: “أعتقد أنَّه لا يُوجد حل سحريّ بالنسبة لهذه الشريحة من الأشخاص الذين اعتادت أمهاتهم التدخين بكثافة عندما كُنَّ صِغاراً، وربَّما يجب أن يكون التركيز على نفس العوامِل المهمَّة للحِفاظ على صحَّة جيدة، أي عدم التدخين ومُمارسة التمارين ومُراقبة النِّظام الغذائيّ”.
HealthDay News
المصدر : kaahe