توصلت دراسة حديثة إلى أن الآباء الذين يفرطون في مراقبة أداء أطفالهم المدرسي ويحثونهم باستمرار على المذاكرة بجد لنيل علاماتٍ عالية، قد يُسببون لأبنائهم القلق أو الاكتئاب أو غير ذلك من مظاهر الاضطرابات النفسية.
يقول رايان هونج، الأستاذ المساعد بقسم الطب النفسي بجامعة سنغافورة الوطنية: “عندما يُفرط الآباء في التدخل شؤون أطفالهم الدراسية فإن ذلك يكون بمثابة إشارة لهم بأن أداءهم المدرسي غير مرضٍ بما يكفي”.
وقد وجدت الدراسة التي استمرت لخمس سنوات وشملت العديد من طلاب المدارس الابتدائية في سنغافورة بأن مظاهر جلد الذات قد ازدادت لدى الأطفال الذين عانوا من تدخل آبائهم المفرط في حياتهم الدراسية (من خلال أنهم كانوا يُعلقون آمالاً كبيرة على نجاح أبنائهم بمعدلات عاليةً، أو يُظهرون ردات فعل سلبية جداً تجاه أخطاء أبنائهم الدراسية أو تعثرهم المدرسي)، وهو ما زاد معدلات القلق والاكتئاب لديهم. ومن الجدير ذكره بأن الدراسة وجدت ارتباطاً بين هذه العوامل، ولكنها لم تُثبت علاقة سبب ونتيجة بينها.
يقول هونج: “إن ذلك يجعل الأبناء خائفين من ارتكاب أي خطأ، ويدفعهم إلى إلقاء اللوم على أنفسهم عند ظهور أي تقصير. ومع مرور الوقت، يتطور لديهم سلوك يُعرف باسم طلب الكمال غير المنسجم مع الذات maladaptive perfectionism، وهو ما يزيد بالمقابل من أعراض القلق والاكتئاب لديهم، أو حتى الانتحار في حالات متفاقمة جداً”.
اشتملت الدراسة على تلاميذ بعمر سبع سنوات من 10 مدراس في سنغافورة، بالإضافة إلى آبائهم. قام الباحثون بتقييم مدى تدخل الآباء في حياة أبنائهم الدراسية من خلال إعطاء الأبناء مسألة للحل بمساعدة آبائهم وأمهاتهم. وقد جرى اعتبار الأهل مُفرطين في التدخل في شؤون أبنائهم الدراسية إذا قدموا مساعدة بالغة للأطفال في حل المسألة أو قاموا بحلها نيابةً عنهم.
وقام الباحثون بإعادة إجراء الاختبار في كل سنة على نفس التلاميذ وآبائهم، وسجلوا علامات ظهور سلوك طلب الكمال غير المنسجم مع الذات وسلوك جلد الذات.
يقول هونج: “أشارت دراستنا إلى أن الآباء في المجتمع الذي يولي أفراده أهمية كبيرة للتفوق الأكاديمي، كما هو الحال في سنغافورة، قد يرفعون من سقف توقعاتهم الدراسية تجاه أبنائهم. وهو ما يستدعي أن يكون الآباء أكثر واقعية ولطفاً في حث أبنائهم على الدراسة. فالعملية الدراسية لا تتم دون ارتكاب أخطاء يتعلم الطفل من خلالها، وينبغي أن يدرك الآباء والأطفال بأن هذه الأخطاء طبيعية، وأن الوقوع فيها ليس مشكلة أو كارثة بأي حال”.
HealthDay News
المصدر : kaahe