علوم وتكنولوجيا

سحب من المياه خارج مجموعتنا الشمسية لأول مرة

قال علماء الفلك إنهم اكتشفوا سحب مياه لأول مرة خارج النظام الشمسي، في أول اكتشاف من نوعه. فمن المعروف حتى وقت قليل مضى، أن مجموعتنا الشمسية هي المجموعة الوحيدة التي تحتوي على خاصية سحب المياه.

ويقع هذا الاكتشاف المفاجئ على بعد 7.2 سنة ضوئية من كوكب الأرض، على أحد النجوم القزمة البنية، وهو نوع من النجوم ذات الكتلة المنخفضة، والذي أطلق عليه اسم (WISE 0855)، ويوصف هذا النجم بأنه أبرد جسم معروف خارج نظامنا الشمسي، وهو مماثل لكوكب المشتري بصورة لافتة للنظر.

الأجسام القزمة البنية هي أجسام تحت النجوم، أي أنها لم تصل لمرحلة أن تكون نجومًا، وتشغل الكتلة بين أثقل الكواكب الغازية العملاقة (مثل المشتري) وبين أخف النجوم، لتصبح كتلتها في مدى بين 13– 80 ضعف كتلة كوكب المشتري. ويمكن أن تتميز هذه الأجسام بأنها غير متمايزة إلى طبقات واضحة على صعيد العمق (بعكس الأرض مثلًا والتي تتكون من طبقات مختلفة مثل القشرة والوشاح والنواة وغيرها).

جسم بارد

ذكر الباحثون في تقريرهم الذي نشر في دورية «رسائل الفيزياء الفلكية»، إن درجات الحرارة المنخفضة للغاية، تجعل من هذا الجسم هو الأول بعد الأرض والمريخ والمشتري وزحل، من المحتمل أن يستضيف سحبًا مائية في غلافه الجوي، بصورة مرئية واضحة. فريق الباحثين الذي توصل لهذه النتائج هم عبارة عن مجموعة من علماء الفلك في جامعة كاليفورنيا في سانتا كروز الأمريكية.

ويرجع السبب وراء برودة هذا الجسم، إلى أنه لم يصل إلى مرحلة أن يكون نجمًا، وهذا راجع إلى كون الأقزام البُنية ليست ضخمة بما فيه الكفاية، للحفاظ على عمليات الاندماج النووي للهيدروجين العادي إلى هيليوم في مركزها. لكن في المقابل يُعتقد أنه تجري بها عمليات اندماج نووي للديوتريوم (أحد نظائر الهيدروين الأقل ثباتًا)، كما يتم حرق الليثيوم بها في حالة كانت كتلتها كبيرة بمستوى معين. ويدور جدل بين العلماء حول ما إذا كان الأفضل تعريف هذه الأقزام البنية من خلال عملية تكونها، بدلًا من طبيعة التفاعلات النووية التي تتم بها.

وتمكن تلسكوب الفضاء وايز (WISE) التابع لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، من الكشف عن (WISE 0855) لأول مرة عام 2014. لكن مع هذا، لم يحصل المراقبون على صور واضحة بما فيه الكفاية لطيف الأشعة تحت الحمراء لهذا الجسم، إلا عبر مراقبة حديثة له، باستخدام تلسكوب الجوزاء الشمالية الموجود في جزيرة هاواي، وذلك على مدى 13 ليلة و14 ساعة.

نظرة جديدة

لم يؤكد طيف الأشعة تحت الحمراء فقط بالدليل القاطع أن هذا الجسم البارد سيكون به غيوم مائية، ولكنه وفر أيضًا نظرة جديدة إلى هذا النجم الخارجي، وكذلك إلى كوكب المشتري، طبقًا لما ذكره أندرو سكيمر، الأستاذ المساعد في علم الفلك والفيزياء الفلكية في جامعة كاليفورنيا في سانتا كروز، في بيان صحفي هذا الأسبوع.

وأضاف «أظهرت صورتنا الطيفية أن (WISE 0855) يهيمن عليه بخار الماء والغيوم، مع مظهر عام مشابه بشكل لافت للنظر لكوكب المشتري»، موضحًا أن لديهم الآن مجموعة من الصور، التي قد تمكن العلماء من التفكير في طبيعة ما يجري على هذا الجسم البعيد.

وبالإضافة إلى وفرة بخار الماء، فإن كلًا من كوكب المشتري و(WISE 0855) يتشاركان في أن لهما درجات حرارة مشابهة، فدرجة حرارة (WISE 0855) تصل لحوالي 250 درجة كلفن أو -9 درجة فهرنهايت (-23 درجة مئوية)، وكوكب المشتري تصل حرارته إلى حوالي 130 كلفن (-143 درجة مئوية).

وقال سكيمر إن (WISE 0855) هو أول فرصة لدراسة جسم سماوي خارج المجموعة الشمسية، له كتلة ودرجة حرارة مقاربة من العملاق الغازي الموجود في مجموعتنا الشمسية؛ كوكب المشتري. ولكن هذا القزم البني من المرجح أن يتميز بجو أقل اضطرابًا من كوكب المشتري؛ يرجع هذا لكونه لا يمتص بشدة غازات الفوسفين السامة مثل المشتري، كما أنه يبلغ حوالي خمسة أضعاف كتلة كوكب المشتري.

الحياة في المجموعة الشمسية

يعتبر قمر زحل المجمد، «إنسيلادوس»، هو أحد العوالم المحيرة؛ فالعديد من العلماء يزدادون اقتناعًا، يومًا بعد يوم، أن هذا القمر قد يكون أفضل مكان في نظامنا الشمسي للبحث عن الحياة.

وعلى الرغم من أن القمر إنسيلادوس هو قمر صغير الحجم، ومغلف بدرع سميك من الثلوج، إلا أنه يبدو كعالم صالح للسكن؛ فالقمر لديه مصدر للطاقة، ناتج من عمليات الاحتكاك الناجمة عن دورانه حول كوكب زحل، وتوجد به المركبات العضوية التي تشكل لبنات بناء الحياة، بالإضافة إلى الماء السائل الموجود في المحيط تحت كل هذا الجليد.

في الواقع، توجد رغبة كبيرة لدى العلماء من أجل إرسال بعثة مخصصة لإنسيلادوس؛ للبحث عن علامات وجود الحياة، وقد بدأ البعض بالفعل يفكر بجدية حول الكيفية التي يمكن من خلالها القيام بذلك، ومن بين هؤلاء كانت عالمة الكواكب «كارولين بوركو»، التي ذكرت في وقت سابق من شهر يونيو (حزيران)، أنها جمعت مجموعة من الباحثين، من بينهم علماء المحيطات، وعلماء الكيمياء العضوية، وعلماء البيولوجيا الفضائية، في اجتماع استضافته «جامعة كاليفورنيا»، بهدف وضع إستراتيجية لكيفية البحث عن كائنات فضائية على القمر إنسيلادوس.

وليس هذا القمر فقط هو الذي يحتوي على مياه في المجموعة الشمسية،

وهذه قائمة سريعة بأبرز أماكن تواجد المياه في المجموعة:

1- القمر جانيميد

هذا القمر هو أحد الأقمار العديدة التي تدور حول كوكب المشتري، وكما أن المشتري هو أكبر كواكب المجموعة الشمسية، فإن قمر «جانيميد» هو أكبر أقمار المجموعة الشمسية أيضًا، بل إنه أكبر حتى من كوكب عطارد.

العلماء المسؤولون عن «التلسكوب هابل» من محطة الفضاء الأمريكية ناسا ومن وكالة الفضاء الأوروبية، رجحوا في شهر مارس (آذار) الماضي إمكانية وجود محيط مختفٍ تحت سطح القمر الأكبر. فقد لاحظ العلماء ظاهرة الألوان القطبية عبر استخدام الموجات فوق البنفسجية، والتي ترجح وجود مياه مالحة تحت سطح البحر.

2- القمر أوروبا

في شهر ديسمبر 2013، فوجئ العالم بأخبار جعلت العقول في ذلك الوقت تحلم كثيرًا بإمكانية وجود حياة على سطح القمر «أوروبا»، أحد أقمار كوكب المشتري. فالعلماء أعلنوا عن وجود أدلة تشير إلى تصاعد أعمدة من الجليد تنطلق لأعلى في منطقة القطبين، ويربط العلماء بين هذا الاكتشاف، وبين وجود محيط تحت سطح هذا الكوكب الجليدي.

3- القمر كاليستو

هو واحد من الأقمار التي تدور حول كوكب المشتري، والذي يتلقى أقل كمية من الإشعاع المنطلق من كوكب المشتري، خصوصًا مع امتلاكه مجالًا مغناطيسيًّا يمنحه حماية إضافية.

تأكد العلماء من وجود مياه على هذا القمر، لكنهم لا يعلمون مدى سيولة هذا الماء. ونتيجة عدم وجود أنشطة جيولوجية به، فإنهم يرجحون أن المياه متواجدة فيه على صورة حفرة ضخمة مليئة بالثلج. ونتيجة بعده النسبي عن كوكب المشتري وتلقيه كمية ضئيلة من الإشعاع، فإنه قد يكون إحدى الوجهات المحتملة لإحدى سفن التنقيب والبحث في المستقبل.

4- المريخ

منذ حوالي عام، أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية عن حل ما أطلق عليه اسم «اللغز الأكبر» الخاص بكوكب المريخ، فقد تم الإعلان أخيرًا عن اكتشاف مياه مالحة متدفقة، درجة حرارتها أعلى من درجة حرارة الكوكب نفسه. وقد اكتُشِفت هذه المياه عبر التحليل الطيفي لصور سطح المريخ التي التُقِطت بوساطة العربة الفضائية «كيوريزيتي»، التي تتجول على سطح الكوكب منذ عام 2012، وحتى يومنا هذا.

5- بلوتو

تحدث عملية تحلل للمواد المشعة الموجودة على سطح أبعد كواكب المجموعة الشمسية، مما يؤدي لتسخين بعض الثلوج الموجودة في الكوكب، بما يكفي لفصل الصخور عن الماء، ولهذا فإن العلماء يعتقدون في وجود تباين للبنية الداخلية الخاصة بالكوكب، ووجود نواة صخرية محاطة بعباءة من الجليد. ونتيجة الحرارة الناشئة من عمليات التحلل فهم يشيرون لإمكانية وجود محيط من الماء السائل تحت سطح الكوكب.

المصدر : وكالات

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى