ضمّن محرك البحث “جوجل” في شعاره اليوم، رسماً للمخرج الراحل، يوسف شاهين، وهو يقف خلف آلة التصوير السينمائية، احتفالاً بالذكرى الـ89 لولادة المبدع يوسف شاهين، والتي تصادفت مع الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير، مصادفة جمعت حدثاً وشخصاً اشترك كلاهما في رفع اسم مصر عالياً في المحافل الدولية والعالمية.
غير أن “جوجل” لم يكن وحده من احتفى بيوسف شاهين، إذ سبقه قبل أيام، عديد من الناشطين المصريين، فتداولوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، شاهد قبره، الذي كُتب عليها، كما أوصى شاهين، كلمات أغنية فيلمه: حدوتة مصرية، للشاعر عبد الرحيم منصور، والتي تقول: “لا يهمني اسمك.. لا يهمني عنوانك.. لا يهمني لونك ولا ميلادك.. يهمني الإنسان ولو ملوش عنوان”.
لكنّ يوسف شاهين، ترك لنا عناوين كثيرة له، نطرقها كلما خطر في بالنا، 37 فيلماً طويلاً وخمسة أفلام قصيرة، حصيلة حياته المهنية، وقد نالت عدة أفلام منها جوائز وترشيحات لجوائز عالمية مختلفة، أهمها جائزة الإنجاز العام من مهرجان كان السينمائي عام 1997 عن فيلم “المصير”.
تميز شاهين باعتماده على الموسيقى والغناء في غالبية أفلامه، من أوّلها “بابا أمين” وحتى آخرها “هي فوضى”، وتعاون مع عدد كبير من المؤلفين والملحنين والمطربين، مثل فريد الأطرش وشادية في فيلم “أنت حبيبي” عام 1957، ومع فيروز والأخوين رحباني في “بياع الخواتم” عام 1965، واختار ماجدة الرومي لبطولة فيلم عودة الابن الضال عام 1976، ولطيفة في “سكوت هنصور” عام 2001.
ويمثل محمد منير حالة خاصة إذ كان من أكثر المطربين مشاركة بصوته وأدائه في أفلام شاهين، وهي “حدوتة مصرية” عام 1982، ثمّ “اليوم السادس”، وبعده فيلم “المصير”. كما لحّن شاهين أغنيتين، الأولى “حدوتة حتتنا” و الثانية “قبل ما” من كلمات كوثر مصطفى وتوزيع الموسيقار عمر خيرت.
كان ليوسف شاهين آراء سياسية واجتماعية، التزم بها ودفع ضريبتها، ففي الفترة بين 1964 و 1968 عمل خارج مصر لخلافاته مع رموز النظام المصري، وقد عاد إليها بوساطة عبد الرحمن الشرقاوي، كما كان شاهين معارضاً للرئيس الأسبق حسني مبارك، ولمتلازمتي الفساد والتطرف، اللذين عانى منهما المجتمع المصري وعمل شاهين على رصدها وفضحها.
ثورة فنية سعى إليها شاهين في أفلامه، لم يخش فيها من كسر أنماط التفكير السائدة، كفيلم “باب الحديد” الذي صدم الجماهير بتقديمه صورة مختلفة للعاهرة، أو من الإشارة بجرأة ودون مداورة إلى مكمن الخلل، كما في فيلم “العصفور” سنة 1973 حيث صور الهزيمة في حرب 1967 راداً أسبابها إلى الفساد في البلد.
كما أثار فيلم المهاجر عام 1994 غضب الأصوليين لأنه تناول قصة يوسف بن يعقوب عليهما السلام. أمّا فيلمه الأخير “هي فوضى” والذي تشارك وخالد يوسف بإخراجه، فقد كان وحسب رأي كثيرين، نبوءة لثورة مصر الأخيرة.
جسد الفيلم نموذجاً واقعياً للقهر الذي تمارسه السلطة على مواطنيها، من خلال شخصية “حاتم أمين الشرطة” الذي يستغل منصبه لتحقيق مآرب شخصية، وما كان للمواجهات بين تجبّر السلطة وضمير المجتمع إلا أن تنتهي بثورة جماعية ضد القهر والطغيان.
قسم الأخبار – وطن اف ام