لمع نجم “زازا” في قرى تل أبيض السورية، في اليوم الثالث من سيطرة قوات حماية الشعب “الكردية” عليها، بالتعاون مع كتائب وفصائل من الجيش الحر.
زازا، أو ظاظا، لقب لأحد قادة كتيبة تنتمي إلى الجيش الحر اسمها “أسود الفرات” شاركت في دفع تنظيم داعش للخروج من مدينة تل أبيض.
لكن “زازا” الأصل هو لقب لشخصية شهيرة ضمن المسلسل التركي “وادي الذئاب” تزعمت عصابات تشغيل الأطفال في الشوارع لتوزيع المخدرات والنشل.
مع ذلك، كانت الشخصية طريفة ومحبوبة، كونها أخذت طابعا كوميديا. هكذا كانت الشخصية في المسلسل. أما زازا تل أبيض، فكان يتنقل مع مقاتليه بين القرى فيصادر سيارات بحجة استخدامها لنقل الجرحى.
ورصد ناشطون مصادرة 3 سيارات فان، لكن تدخلات واتصالات استمرت أربعة أيام أسفرت عن إعادة السيارات إلى أصحابها، بعد القبض على زازا من قبل قوة مشتركة من لواء ثوار الرقة، وقوات حماية الشعب.
ينتمي زازا إلى مدينة منبج، شرق حلب. وفي رواية أخرى، هو ينتمي إلى مدينة “السفيرة”، جنوب شرق حلب، وكان يدعي خلال غزوة على إحدى القرى أنه من الجيش الحر، وفي القرية التالية ادعى أنه من قوات حماية الشعب.
وهو ليس الشخصية الوحيدة المقلدة لشخصية من مسلسل “وادي الذئاب” نفسه، فقد اشتهرت شخصية ميماتي في دير الزور قبل ظهور داعش، أي في عام 2012، وبدايات 2013، ونُسبت له عمليات مافيوية من قتل وخطف وسلب بالسلاح، على عكس مضمون الشخصية في المسلسل، حيث كان “ميماتي باش” شرسا في الدفاع عن المظلومين إلى جانب مراد علمدار، وإن كان ماضيه قبل ذلك ينسبه إلى مافيا متخصصة بإدارة صالات القمار غير القانونية.
زازا هذا غير كردي، ومارس هوايته في السرقة بغباء مكشوف (نقل ناشطون أنه محترف سرقة قبل الثورة)، وما فعله الـ“روبن هود – زازا”، نسبة إلى الرواية الرسمية عن روبن هود الأصل، هو السطو المسلح.
في الجانب الكردي، نجد أفعالا مشابهة فعلها الأكراد، لكنها تقول إنها “رد للحقوق”، عبر طرد سكان قرية والقول إن ملكية الأراضي فيها لأشخاص من الأكراد طردهم نظام البعث بعد أن استولى على أراضيهم ووزعها على سكان عرب مهاجرين من مناطق أخرى.
مثل هذه الرواية جزء من سردية طويلة يحاول الأكراد، بسياسييهم وعسكرييهم والعوام، إقناع العالم بصحتها.
لكن، حتى لو صحت الرواية، فإن أدوات التنفيذ خاطئة، كونها تشكل فعلا انتقاميا موصوفا لا يحتاج إلى دليل لإثبات خطئه.
راكم الأكراد خبرات عسكرية وسياسية وإعلامية خلال سنوات كثيرة بدأت بُعيد الحرب العالمية الأولى مع تراكم ملفات إحباطات القضية الكردية، وصنعوا بروباغندا مقنعة للصحافة الأوروبية خاصة، بحيث لو قال عربي إن منطقة تل أبيض ذات أكثرية عربية، سينكر صحفي أوروبي ذلك ويقول “إن الأغلبية فيها من العنصر الكردي”.
ولو استعرض أوروبي سيميائية صور المقاتلين، من الجيش الحر يسارا، إلى داعش يمينا، سيفضل التعامل مع صورة مقاتلة كردية، وسيقبل بلحية “هافال شيفان” العَلمانية، وقبعته غير العسكرية اللطيفة.
وشيفان، هذا، قام بتهجير 2000 شخص هم سكان قرية (سليب قران، أو 8 آذار، حسب اسمها البعثي، وتبعد 22 كم غرب تل أبيض)، والحجة كما قد يدل الاسم البعثي للقرية أن ملكية أراضي القرية تعود إلى أكراد سوريين في الأصل.
يحدث هذا جهارا نهارا دون أن تُخدش الرواية الكردية، ودون أن يخطر في بال مريدي السردية الكردية أن هافال الكردي هو نفسه زازا العربي، بسيميائه قبل أفعاله، الأول يريد إرجاع “الحق” إلى “أصحابه” بقوة السلاح، حرقا للمراحل عبر عدالة ثورية. والثاني يريد إجبار الناس على المساهمة في المجهود الحربي رغما عنهم.
في المتن مما حدث في تل أبيض، وما سيحدث، ظل العرب المقيمون من سكانها أسرى الخوف. وحمل كثير منهم خوفه إلى تركيا ليصبح مهاجرا عند الأنصار.
عند سياسيي الائتلاف هم “موضوع” يتكلمون باسمه لاكتساب الشرعية. وعند العسكريين، موضوع لارتكاب الانتهاكات في حقهم، وعند النظام خونة داعشيون تكفيريون.
العرب اللندنية _ وطن اف ام