مع تسليط الضوء على هجوم دونالد ترومب المتواصل على جون ماكين، قد يفوت المتابع للأحداث ملاحظة المناوشات التقليدية التي تصاحب عملية الترشح للانتخابات، والمقصود هنا الشجار المفتعل بين جيب بوش وسكوت ووكر حول الصفقة الأميركية مع إيران.
جالجدل الآن قائم حول ما إذا كان الرئيس الجديد سوف يشرع في إبطال الاتفاقية في أول يوم عمل له بعد تسلم العمل على رأس إدارته الجديدة (حسب تعهد بوش)، أم أن الرئيس الجديد سوف يلغي اتفاقية التسليح النووي، ويتخذ إجراء عدوانيا تجاه إيران في اليوم الأول له في السلطة (موقف ووكر).
ففي المناظرات السياسية، وفى سبيل التفوق على المنافسين، يبحث المرشح الذي يتبنى نفس مواقف منافسيه عن طريقة يظهر بها في هيئة مختلفة عن الآخرين. فعلى سبيل المثال، دخل المرشحان الرئاسيان غارى هارت وولتر موندال، عام 1984، في عراك حول من منهم تعهد بنقل السفارة الأميركية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، وعلى نفس المنوال سوف نرى الكثير من الهراء في الانتخابات القادمة.
استخدم كريس كريستي تكنيكا مختلفا في محاولة لأن يبدو مختلفا عن باقي المرشحين عندما حاول بتخبط أن يتودد للطلاب المنزليين بولاية «أيوا» بالحديث عن لقاحات مرض الحصبة. فمع وجود أكثر من عشرة مرشحين للحزب الجمهوري، فإن ضمان أصوات مجموعة صغيرة تحضر مؤتمرا حزبيا أو توجد في ولاية صغيرة يعتبر شيئا مهما.
فبصرف النظر عن وجهة نظرك في استراتيجية بوش أو ووكر أو كريستي، فكل تلك الاستراتيجيات تعتبر مهمة للحزب؛ حيث إن المرشحين ملزمون بتقديم وعود لجماعات الحزب الجمهوري. في الحقيقة، لم يكن الحديث عن اللقاحات للأطفال في المدارس خيارا موفقا (ولحسن الحظ جاءت بمثابة سقطة لكريستي لصالح من كان يحاول إثارة إعجابهم)، بيد أن التملق للأطراف الفاعلة في الأحزاب هو ما يربط المرشحين بالأحزاب في عملية الترشح، ويعتبر ذلك أمرا مهما بالنسبة للديمقراطية في الولايات المتحدة.
يعد هذا النوع من السياسة أفضل بكثير من العدو عاريا على امتداد شاطئ التيمس، عندما يبالغ المرشح في حديثه لجذب انتباه الإعلام، أو لإحراز تقدم على المدى القصير في استطلاع للرأي العام. في الغالب لن تكون للخسارة التي تنتج عن هذا التكنيك أي تأثيرات سلبية على الحزب على المدى البعيد، وكذلك لن تعود بالنفع على الحزب.
يبقى ووكر، وبوش، وماركو، وروبيو الأكثر حظا بين مرشحي الحزب الجمهوري، فهم ليسوا في حاجة للانتباه فيما يخص هذه النقطة، إلا أنهم في حاجة للدعم من الأطراف الفاعلة في الأحزاب. ولذلك علينا أن نتوقع المزيد من المشاحنات بينهم، حيث يسعى كل منهم إلى إثبات أنه الأصدق في دعمه لكل أطياف الحزب.
المصدر : الشرق الأوسط