هذه هي خلاصة قالها لي محدثي في باريس، هو وزير خارجية دولة عربية فاعلة كان ماراً بالعاصمة الفرنسية، وقد زرته لأسمع منه رؤيته حول تطورات المنطقة ولا سيما ما يتعلق بلبنان وسوريا التي تبقى الأزمة المركزية في الشرق الأوسط.
في “لوبي” فندق “جورج الخامس” في باريس، قال محدثي شارحا صورة الوضع على النحو الآتي: “دخلت المنطقة مرحلة تاريخية جديدة لا تخفى على أحد من المراقبين أو الفاعلين إثر الاتفاق النووي الإيراني الذي من شأنه أن يغير معطيات الأزمات في المنطقة. فلقد انقسمنا كمسؤولين حول نتائج التوقيع على الاتفاق بين قائل إنه قد يفتح الباب على تحول في السياسات الإيرانية نحو شيء من الاعتدال، وبالتالي يؤسس لاتفاقات مع دول الإقليمية العربية، وقائل إن تحرير أموال إيرانية محتجزة، ورفع العقوبات لن يغير السياسات الإيرانية بل إنه سيمنحها “أجنحة” وقدرات ما كانت متوافرة حتى الآن لمزيد من التدخل في الإقليم، ونحن – يقول محدثي – نميل كما أكثرية المسؤولين الكبار في الإقليم إلى تغليب الفكرة الثانية. بمعنى أن إيران غير مقبلة على مرحلة من التعقلن بل على تجديد الهجوم على المنطقة بوسائل وإمكانات جديدة”.
ويوضح: “في النزاع اليمني الذي يستنفد الكثير من القدرات والإمكانات ما كان بالإمكان غير قرار خليجي – عربي بخوض حرب كاملة الأوصاف ضد الاختراق الإيراني الخطير عبر الحوثيين، وكان قرارنا أننا إن لم نخض هذه الحرب اليوم وننتصر فيها، فإن الحرب المقبلة ستكون في قلب الرياض، ومكة، والكويت، والدوحة، وأبو ظبي، والمنامة، وعُمان وغيرها… ونحن سائرون في الحرب حتى نهايتها مهما كلفت المنظومة العربية الإقليمية، ولن نقبل بأقل من هزيمة إيران في اليمن، وهذا ما أوضحناه للإدارة الأمريكية منذ اليوم الأول، وما كان بوسع الرئيس الأمريكي إلا احترام قرارنا الجماعي والجلوس في “المقعد الخلفي”، وهذا ما نريده تماما”.
بالنسبة إليّ اختلفت الصورة: “سوريا مأساة، ومأساتها غير ناجمة فقط عن إجرام النظام، وجنون الإيرانيين، وتورط الروس الهائل، بل إن المأساة سببها أساسا سياسة الرئيس الأمريكي باراك أوباما. وأقول لك، لولا الأمريكيون ورفضهم تركنا نحسم الصراع ونقصر مدة الأزمة لسقط بشار، وانهار الجسر الإيراني في سوريا منذ 2013. وما زلنا حتى اليوم وبالرغم من مشكلة انقسام المعارضة قادرين بدعمنا للفصائل أن نحسم بسرعة، ونوقف النزف السوري الذي بلغ قلب أوروبا. المشكلة ليست الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بل أوباما، فهو مصر على “الستاتيكو” الدموي هناك. ومع ذلك نعتبر أن النهاية محسومة بسقوط بشار وهزيمة الإيرانيين عاجلا ام آجلا، ولذلك لا نعلق الآمال على حل سياسي برعاية روسية”.
ماذا عن لبنان؟ هل لا يزال قرار “التهدئة” قائماً برعاية إقليمية – دولية؟ ولماذا يبدو النظام العربي وكأنه ادار ظهره مرحليا عن لبنان؟
المصدر : النهار