على قدر ما تحمل الحالة السورية من ألم وحزن وقتل، فإنها تجعل الأسئلة تأخذ مداها لتصل إلى هذا الترابط فـي عالم اليـوم، حيـث تـتـداخل المصالح وتتفاعل في الساحة السورية إلى درجـة تبدو سورية في حالتها الراهنة كأنها تلخيص لحالة عالمية.
السياسيون السوريون (وبمعنى ما كل سوري له رأي سياسي)، ينتظرون نتائج انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية، بينما يدوس الدب العسكري الروسي على مجمل القيم الإنسانية في سورية عسكرياً وسياسياً. النظام الإيراني الشمولي يرى عودة إمبراطوريته الفارسية ممكنة مع التراخي الأميركي المستمر معه حتى اللحظة، بينما يعتقد تابعه «حزب الله» اللبناني أن ساعة قطف ثمار معركة سورية قد حان لبنانياً، وذلك من خلال قضية الرئاسة اللبنانية.
بشار الأسد يشعر بأنه سيبقى طويلاً في الحكم بعد كل هاتف بوتيني له، ويرجو من الله أن ينصر ترامب لا كلينتون.
ومعارضات سورية متنوعة الشكل واللون والهدف، صار بعضها عبارة عن عارضات أزياء سياسية أمام كل الدول المتدخلة عسكرياً في الشأن السوري، وكل معارض سوري يرى أن تأخر النصر سببه أن العالم لم ينتبه لمقدرته في التحليل السياسي.
على الأرض السورية الآن، أكثر من نصف مليون مقاتل يتعاركون عسكرياً وسياسياً وثقافياً أيضاً، بينما تئنّ الناس تحت وطأة وضع معيشي اقتصادي هو الأسوأ والأعنف، إلى درجة صار معها الحفاظ على العيش بيولوجياً يُعتبر مطلباً سياسياً عاجلاً أيضاً.
تمزق وتشتت سوري – سوري، تشتت وتمزق عالمي في الساحة السورية، أمم متحدة هي محضُ عدّاد أرقام غير دقيق تجاه الحالة السورية.
وميشال عون سيصل إلى سدة الرئاسة محمولاً على أسوأ لحظة يعيشها لبنان، مُذ خرجت قوات الاحتلال الأسدية من لبنان عقب اغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري.
ويطل السؤال الصعب «ما العمل»؟ وألف إشارة استفهام معه حول الجدوى من أي عمل سياسي سوري في ظل أسوأ إدارة أميركية عاشتها الكرة الأرضية ومعها الثورة السورية اليتيمة.
ما العمل؟ وكيف نوقف هذا الانهيار السوري؟ وكيف نوقف هذا الانهيار في الشرق كله؟
مع كل ما يحمل المشهد السوري من تعقيدات، ثمة بارقة أمل يمكن أن تحمل معها جواب عن سؤال «ما العمل؟». بارقة الأمل يمكن أن تكون فعلاً سياسياً حقيقياً إذا قيّض لكل أشكال المعارضات السياسية السورية الآن أن تتفق في ما بينها على برنامج عمل آني واستراتيجي. والحامل الأساسي لهذا البرنامج السياسي هو السوريون أنفسهم.
من هنا يصبح مطلب إيقاف الحرب أهم مطلب سياسي آني.
المصدر : الحياة