كان النظام الإيراني يخشى منذ الأيام الأولى للربيع العربي ألا يمر مرور الكرام ولكن سرعان ما نجحت إيران بتحويل التطورات لما يخدم مصالحها وعلى وجه الخصوص في البلاد التي أثرت فيها إيران بالحرب الداخلية وانهيار الدول.
واليوم من الممكن أن نرى أثر لإيران في كل مكان حيث بسطت نفوذها على المجتمع الشيعي من خلال الجهات الغير الحكومية والفاعلة في الحرب الأهلية في تلك البلدان ومما لا يشك به أنه بقدر ما ساعدت هذه التطورات على زيادة عمليات إيران السرية بقدر ما كانت مؤثرة بالتغييرات بالتوازن العالمي.
وبعض التصريحات والتطورات التي شهدناها في الآونة الأخيرة تشير إلى إمكانية تغير المواقف تجاه ايران حيث وضح نائب الرئيس الأميركي “بنس” في كلمته التي ألقاها في مؤتمر الأمن في ميونخ حيث قال أنه من الآن فصاعداً كل شيء حول إيران سيتم استجوابه مرة أخرى أما عن الرئيس ترامب فلا يضيع أي فرصة كي يعبر عن عدم سعادته بالاتفاق النووي الذي أعلن نجاحه في زمن إدارة أوباما ولا يمكن إخفاء النتائج المثيرة للريبة.
والذي يفهم من التصريحات وردة الفعل الناتجة عن تجربة إيران للصواريخ قصيرة المدى أنه من المتوقع أن يتم الاعتراض وتجريم هذه التطورات ولكن بوسائل مختلفة.
وخصوصاً أنه لن يتم التخلي عن السلاح النووي وهذه المجموعة من الصواريخ التي تعد الجزء المكمل لها مما سيجعل من ذلك الأمر ورقة رابحة بيد ترامب.
وليس تطوير السلاح النووي فقط هو الذي يجعل من إيران هدفاً وكأنها لم تشارك بعملية الفوضى التي حدثت بمنطقة الشرق الوسط ولم تكن من المشاركين من خلف الكواليس، وهنا نحن نتكلم عن مساحة جغرافية كبيرة وعن تطورات مهمة فمن خليج البصرة إلى حرب اليمن ومن أفغانستان إلى العراق ومن سوريا إلى لبنان.
وعلى رأس القائمة النشاطات التي تقوم بها إيران في دول الخليج العربي وبالأخص علاقة إيران الخاصة بالمواطنين الشيعة في تلك البلاد وإدارة مشاكل الأمن الداخلي والاستقرار.
وعند النظر في سجل إيران بشأن هذه القضية يلاحظ وجود ادعاءات وقدرة في المهارات لا يمكن تجاهلها.
ومن ناحية أخرى الحرب المستمرة في اليمن والتي هي جبهة مهمة بين السعودية وإيران ومصدر للقلق.
والوضع معقد أكثر عند النظر في اللوحة العراقية فهناك تظهر على أنها مجموعة لاعبين في جبهة واحدة فقد حولت البلد إلى حديقة خلفية لاستراتيجيتها وأدواتها.
ووفرت لنفسها ميزة روحية عن طريق محاربة داعش حيث عملت على تعبئة الميليشيات الشيعية وزيادة قدرة تسليحها ولم ينتهي عملها هنا فقط.
فإيران ومع الوقت أصبحت فعالة في إقليم كردستان العراق في القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية وتعتبر انها كسبت “أصدقاء محليين”.
أما بالنسبة للأحداث في لبنان وفي الجبهة السورية فإن إيران يزداد نشاطها هناك وأصبح ظاهراً أكثر من أي وقتٍ مضى.
وتعد كل هذه اللوحة وما عليها “مبررا” جيدا جداً لإسرائيل التي لم تكن مسرورة من الاتفاق النووي وغير مطمئنة من وجود حزب الله.
ومن المتوقع ان تجعل تصريحات ترامب والزيادة في عدم القدرة على التنبؤ بوضع النظام العالمي من ايران تلتفت نحو الأولويات التي تخص دولتها.
التطورات العالمية والإقليمية تبحث عن توازنات جديدة ولمعرفة الاستجابة التي ستقوم ايران بإعطائها يجب مراقبة المنطقة عن كثب.
المصدر : صحيفة ملييت التركية ، ترجمة وتحرير وطن اف ام