يواكب الرئيس السوري بشار الأسد المطلب الروسي بأن التقدم في الميدان يفتح آفاق الحل السياسي على مدى أوسع لا بل يسرعه ويعلن الموافقة على حكومة وحدة وطنية ودستور جديد يجري ترتيبهما في إطار مفاوضات جنيف. ويمكن الأسد ان يطرح ذلك وفي جيبه تدمر المحررة من “داعش”.
لكن واشنطن ومعها المعارضة السورية المدعومة أميركياً وعربياً سارعت الى رفض ما يقترحه الأسد باعتبار انها لا تريد من الرئيس السوري ان يكون مشاركاً في حكومة الفترة الانتقالية وما عليه سوى ان يحزم حقائبه ويرحل ويسلم الحكم الى هيئة حكم انتقالي. وتبدو واشنطن والمعارضة كأنهما لم تكونا تتوقعان ان يقبل الأسد بحكومة وحدة وطنية وبدستور جديد وتاليا كانتا تراهنان على إثارة خلاف بين الأسد وموسكو التي لا يخفى انها راغبة في رؤية النظام السوري يقدم على تنازلات من أجل تسهيل الحل السياسي.
وفي اعتقاد الكرملين أن الانقلاب الذي حصل في الميدان منذ التدخل العسكري الروسي في أيلول، يشكل فرصة للتوصل الى حل سياسي لا يكسر النظام ولا يحقق للمعارضة كل أهدافها. وفي سياق هذه المعادلة تعمل موسكو لاقناع واشنطن بأن هذا هو الحل المتاح حالياً وأنه ليس مفيداً طرح مسألة بقاء الأسد في الوقت الحاضر.
إلا ان رد فعل واشنطن والمعارضة، يوحي بما لا يدع مجالاً للشك أن مطلبهما في سوريا يختزل فقط بالأسد. ومن هذا المنطلق ليس مهماً على ما يبدو التوصل الى حل سياسي في سوريا يوقف الحرب، بل المهم رحيل الأسد. أما اذا كان من شأن هذا الأمر أن يؤدي الى إطالة أمد الحرب او تمزيق سوريا وتفتيتها وتشريد ملايين آخرين، فليس مهماً كثيراً في حسابات من بات يعتبر الحرب السورية بمثابة تصفية حسابات شخصية مع الأسد ولم يعد معنياً بايجاد تسوية تضع حداً لنزف الدم السوري الذي يغرق المنطقة بأكملها ويمتد الى أوروبا الحائرة في ما ستفعله بموجات اللجوء السوري وتدفع الامم المتحدة الى البحث عن دول تقبل باعادة توطين اللاجئين.
كل ذلك لا يزال يقع خارج الحسابات الأميركية وحسابات فرنسا وبريطانيا وحسابات المعارضة السورية المقيمة في الخارج، التي ترى ان هدفها من الحرب لم يتحقق بعد، وترى في “داعش” و”القاعدة” تنظيمين نشآ بسبب وجود الأسد في السلطة وليس بسبب الفوضى التي احدثتها الحرب.
والى ان يقتنع هؤلاء لا يمكن التفاؤل كثيراً بقرب خروج سوريا من النفق.
المصدر : النهار