مقالات

طارق الحميد – الأسد نفسه بالون طائر!

نشرت صحيفة «الحياة»، نقلا عن دبلوماسي بمجلس الأمن، قوله إن وزير الخارجية الأمريكي «أبلغ دولا عربية معنية بأن الولايات المتحدة وروسيا توصلتا إلى تفاهم على مستقبل العملية السياسية في سوريا، يتضمن رحيل الرئيس الأسد إلى دولة أخرى»، دون تحديد إطار زمني بعد.

على أثر ذلك سارع الجانبان، الأمريكي والروسي، لنفي الخبر، وكان النفي الروسي لافتا، ونقلته «الحياة» مطابقا لما بثته أيضا «رويترز»، حيث قال المتحدث باسم الكرملين، إن المعلومات المنشورة «لا تطابق الواقع»، موضحا أن «الميزة الجيدة لمواقف روسيا، خلافا للدول الأخرى، تكمن في أنها لا تناقش تحديد مصير دولة ثالثة، بما في ذلك سوريا، لا عبر القنوات الدبلوماسية، ولا عبر القنوات الأخرى»، والغريب أن ما نشر يتعلق بمصير الأسد تحديدا، بينما النفي الروسي يتحدث عن أنه ليس من عادة موسكو مناقشة «تحديد مصير دولة ثالثة بما في ذلك سوريا»! فماذا عن «جنيف2»، و«جنيف3»؟ وقبلها نزع أسلحة الأسد الكيماوية؟ وماذا عن التدخل العسكري؟ وتفاخر الروس بتحرير تدمر؟ ماذا عن الاتصالات، وعلى المستويات كافة، بين الروس والأمريكيين، حول سوريا؟

وماذا عن الخبر الذي نقلته «روسيا اليوم»، الاثنين الماضي، ومفاده، وبحسب الموقع الروسي: «أعلنت سفارة الولايات المتحدة في موسكو أن رئيس الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) جون برينان، زار العاصمة الروسية مطلع هذا الشهر لمناقشة رحيل الرئيس السوري بشار الأسد»؟ والأغرب من كل ذلك نفي وزير خارجية موسكو للخبر أيضا، وبعد الكرملين، وكان محتدا، وتحدث وكأنه يملك مفتاح دمشق، ملخصا نفيه بالقول إن التغيير بسوريا يتم عبر الانتخابات الحرة. حسنا هل يترشح الأسد؟ لم يوضح لافروف ذلك، واتُهم الأمريكيون تحديدا بالتسريب، رغم نفي واشنطن للخبر مثلهم مثل الروس، والأغرب أيضا أن موسكو سبق أن سربت قبل أيام أن واشنطن متفهمة لضرورة عدم مناقشة مصير الأسد الآن! فما الذي يحدث؟ يبدو أن هناك أمرا ما!

وما يتردد هو أن موسكو ترفض مناقشة مصير الأسد علنا، وذلك خشية أن يسارع الضباط في الانشقاق من حول الأسد، مما يؤدي إلى انهيار النظام في ساعات، ويشارك الإيرانيون الروس هذه الرؤية التي يتفهمها الأمريكيون، كما يشاع. ولذا فإن موسكو لا تحبذ الحديث بشكل علني عن مستقبل الأسد الذي يبدو أنه يشعر بذلك، ولذا بات الأسد يطلق التصريحات العلنية بنفسه، وتحديدا الأخيرة، التي عرض فيها جملة اقتراحات رفضت دوليا، مما يظهر أن الأسد نفسه لا يستطيع مناقشة الروس، أو غيرهم، ولذلك يلجأ للإعلام متحدثا عن انتخابات رئاسية لا برلمانية تارة، وعن أشكال مقترحة للحكومة، تارة أخرى، مما يظهر أن الأسد يسعى جادا لتحقيق اختراق سياسي ما عبر إطلاق بالونات اختبار سياسية، غير مدرك، أي الأسد، أنه هو نفسه بات بالونا طائرا!

المصدر : الشرق الأوسط 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى