ماذا ينتظر العالم بعد ليغير طريقة تعامله مع الحرب السورية؟ ما الذي يتوقعه ستافان دو ميستورا بعد من محادثات سلام ذات أهداف فضفاضة وعناوين مطاطة تراوح مكانها بينما آلة القتل تشق طريقها آمنة لترفع حصيلة ضحاياها بتقديرات المبعوث الدولي نفسه إلى ما يقارب 400 ألف قتيل؟
صارت السياسة الأميركية لسوريا تكراراً مملاً. لقاءات جون كيري مع سيرغي لافروف باتت مشهداً مألوفاً: تنديد بالعنف واتفاق على إنهائه من طريق النظام بمساعدة الروس والإيرانيين، ليحقق مكاسب جديدة بذريعة محاربة الإرهابيين.
بنبرة لا تخلو من الأسف، وصف رئيس الدبلوماسية الروسية الهجوم على مستشفى القدس في حلب بأنه عمل “عديم الضمير” ويجب أن يتوقف. لكنه قال إنه لا يريد قطع أي وعود لا يمكن الوفاء بها. وهو ربما كان يشير ضمناً إلى الخطة البديلة التي كان لوّح بها إذا أخفق وقف النار.
في آذار الماضي، أثار كيري تكهنات كثيرة عندما أشار في شهادة له أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي إلى “نقاشات مهمة” مع إدارة الرئيس باراك أوباما في شأن “الخطة ب” في سوريا. وزاد تلك التكهنات تصريح “مسؤول رفيع المستوى” لشبكة “سي بي أس نيوز” بأن الخيارات المقترحة تشمل إجراءات عسكرية تمنع النظام وحلفاءه من مواصلة الهجوم على المدنيين والمعارضة المدعومة أميركياً.
في حينه، أكدت مصادر في وزارة الدفاع الأميركية أن “الخطة ب” هي فكرة أكثر منها مسار محدد للتحرك، أي أن مسؤولي الأمن القومي في الإدارة الأميركية يعتقدون أنه يجب القيام بتحرك ما في سوريا، وإن كانوا غير متأكدين من الخطوات المحددة.
ثلاثة خيارات طرحت للتداول، هي زيادة القوات الأميركية الخاصة على الأرض وزيادة المساعدات العسكرية لقوات المعارضة التي تقاتل النظام وفرض حظر طيران.
ونشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” قبل أسبوعين أن الخطة الأميركية البديلة تشمل تزويد مقاتلي المعارضة أسلحة أشد فتكاً، بما فيها ربما صواريخ مضادة للطائرات والهليكوبتر، فيما أشارت تقارير أخرى إلى أن كيري نفسه يضغط لتزويد المعارضة مزيداً من المساعدات العسكرية لمنحها تفوقاً على قوات النظام والقوات الروسية. ولكن ماذا نفّذ من كل ذلك بعدما انهارت الهدنة وسالت الدماء مجدداً؟ في الواقع لا شيء. أما كيري فاكتفى بالاستنكار والتنديد ، وسارع إلى موسكو مجدداً لتتدخل لدى الأسد.
ثمة من يجادل بأن زيادة السلاح للمعارضة السورية لن يؤدي إلاّ إلى مزيد من القتل والدمار، وأن التدخل الأميركي سيجعل الأمور أسوأ ويزيد الحرب تفاقماً. قد يكون ذلك صحيحاً، ولكن صحيح أيضاً أن ترك السلاح في أيدي فريق واحد يقصف المستشفيات ويستبيح أرواح المدنيين لن يؤدي في أي شكل من الأشكال إلى السلام. وصحيح أيضاً أن أي هدنة أخرى لن يكون مصيرها أفضل من سابقتها ما لم يعتمد العالم مقاربة جديدة لهذه الحرب القذرة.
المصدر : النهار