في 18 أغسطس الحالي حصلت اشتباكات بين قوات الأسد وبين الميليشيات الكردية التابعة لصالح مسلم في الحسكة، واستخدم النظام السوري في الهجوم الطائرات المقاتلة. لم يكد يمر بعض الوقت حتى تبين أن الجانب الأميركي حاول التواصل مع طائرات النظام السوري للطلب منها التوقف عن القصف..
وسرعان ما علق المتحدث باسم البنتاغون جيف دايفيس بعدها على الواقعة محذراً النظام السوري من إجراء طلعات جوية أو عمليات قصف في المنطقة، قائلا إن: «الولايات المتحدة أوضحت بشكل لا يقبل اللبس بأنها ستتخذ ما يتطلبه الأمر للدفاع عن قواتها في المنطقة». تم بعد ذلك تخصيص 6 طائرات مقاتلة أميركية للقيام بدوريات جوية فوق المنطقة المستهدفة بالتناوب.. وأفادت تقارير بأن النظام السوري أرسل في اليوم التالي طائرات سوخوي-24 إلى المنطقة نفسها، لكن المقاتلات الأميركية كانت موجودة «ما شجع الأولى على مغادرة المكان دون اشتباك» على حد تعبير الجانب الأميركي.
ما يثير الاهتمام بهذه التطورات أن إدارة أوباما التي لطالما تذرعت بأنه لا يمكن لها الانغماس في الملف السوري ضد الأسد بسبب الفيتو الروسي في مجلس الأمن وبسبب دفاعات الأسد الجوية وغيرها من الذرائع، أصبحت فجأة ومن دون أي مقدمات خلال بضعة دقائق مستعدة للاشتباك مع الأسد وإسقاط مقاتلاته وإقامة منطقة حظر جوي بحكم الأمر الواقع فوق مناطق واسعة من الحسكة!
الولايات المتحدة حاولت أن توحي بأن مثل هذا الإجراء هو لحماية بعض القوات الأميركية الخاصة التي يعمل أفرادها كمستشارين لدى ميليشيات صالح مسلم الكردية، لكن لا يوجد ما يؤكد أن الأمر يرتبط بهذا الموضوع، فالأسد بغنى عن أن يقوم بقصف قوات أميركية.
البيان الذي نشرته قوات الأسد بعد الاشتباك مع الميليشيات الكردية يؤكد أن النزاع كان على مناطق النفوذ والسيطرة على الأرض، خاصة أن للأسد قوات في المدينة كما هو الحال بالنسبة للميليشيات الكردية.
أما تصريح البنتاغون فهو لم يحذر فقط من المساس بالقوات الأميركية وإنما بالميليشيات الكردية الحليفة أيضاً، وهذا يبين مدى الالتزام الحقيقي للإدارة بأمن هذه الميليشيات، بعكس الوعود الكاذبة التي كانت تغدقها على الجانب التركي وعلى المعارضة السورية منذ بدء الثورة السورية.
لكن هل يؤدي ذلك إلى تحول في سياسة أوباما؟ هذا شيء مستبعد، فإذا كان هناك من شيء مؤكد منذ اندلاع الثورة السورية وحتى اليوم، فهو أنه حيثما ترسم هذه الإدارة الخطوط الحمراء أو الصفراء يزداد الوضع سوءاً، ذلك أن الأطراف التي من المفترض أن هذه التهديدات موجهة إليها تعرف تمام المعرفة أنه لا يوجد إرادة حقيقية لديها لفعل أي شيء، باستثناء الحرص على «إرثٍ» من الفشل الذريع لا حدود له على الإطلاق.
المصدر : العرب القطرية