رواية تنظيم الأسد وإيران عن اسقاط طائرة صهيونية رواية كاذبه هدفها التسويق الإعلامي التافه ليس أكثر قالت رواية تنظيم الأسد: إن أربع طائرات صهيونية أتت من لبنان واخترقت الأجواء السورية وسط البلاد ثم توجهت شرقا إلى عمق البادية السورية «تدمر «وقصفت موقع لميليشيا الأسد هناك، بينما القتيل كان قائدا ميدانيا من حزب الله.
الرواية تكذب نفسها، لأن منظومة الدفاع الجوي السورية التي تسيطر عليها مليشيا الأسد وإيران، تستطيع أن تكشف وتتعقب الطائرة قبل خروجها من فلسطين المحتلة، أي أنه كان هناك وقت كبير متاح كي يتم اسقاط الطائرات الصهيونية أثناء مسارها الطويل من فلسطين إلى تدمر وعودتها عبر الأجواء الاردنية، لو كانوا يرغبون بذلك حقاً.
دعونا نتوقف لنطرح السؤال: كم نقطة جوية «رادارية» تخطتها هذه الطائرات عبر مسيرها الطويل على الاقل تجاوزت الطائرات الصهيونية خمس نقاط دفاع جوي «رادارات» من لبنان إلى تدمر. وللعلم أن نظام الأسد يمتلك العديد من منظومات الدفاع الجوي روسية الصنع على سبيل المثال لا الحصر منظومة (200/SA-5) يبلغ مدى صواريخ إس 200 أكثر من 150 كلم، هذه المنظومة منشورة في معظم المطارات العسكرية ولو حددنا فقط مسار الطائرات الصهيونية سنلاحظ أنها مرت على اربع نقاط تتمركز فيها هذه المنظومة، حمص، مطار الشعيرات ومطار التي فور» T4 «، ومطار السين العسكري في ريف دمشق بطريق عودة الطائرات عبر الأجواء الأردنية، مطار المزة العسكري الذي يغطي الحدود مع لبنان المسار الذي سلكته الطائرات حسب إعلام تنظيم الأسد، ولزيادة العلم في ريف حمص الجنوبي منظومة دفاع جوي متطور في منطقة «شنشار وما حولها، وأخرى شمال حمص طريق مصياف خلف الكلية الحربية وأخرى بالقرب من الرستن.
لكن كما قلنا لكم مجرد استعراض وصراع أجنحة روسية إيرانية، بشار الأسد وميلشياته ليس واردا بذهنهم ولم يفكروا يوماً بالتصادم مع الكيان الصهيوني.
كل همهم الانتصار على ثورة الشعب السوري والتمسك بالحكم ولا شيء آخر، فما بالك لو كان هذا الآخر الكيان الصهيوني، وخلفه من تعلمون، تنظيم الأسد يدرك تماما أنه في حال فكر بهذا الخيار الانتحاري ستكون حينها بالفعل أيامه معدودة .
ما قاله افخاي ادرعي المتحدث باسم جيش العدوان الصهيوني أن دفاعات الكيان تصدت لصواريخ استهدفت مقاتلات صهيونية يفتح مجالا واسعا لطرح عديد الأسئلة، متى كان هذا الاستهداف قبل او بعد أن نفذت المقاتلات الصهيونية غاراتها وحققت مرادها ، ولماذا سقطت شظايا التصادم بين الصواريخ في قرى الأردن، هل هذا يعني ان الطائرات خرقت أجواء الأردن ولم ترد الدفاعات الأردنية، وهو يشير ايضاً بكل وضوح أن المناورة ولست استطيع القول «الرد» كانت بعد تنفيذ الغارات والطائرات قد وصلت أجواء الأردن، ويدلل على أن المناورة كانت استعراضية ليس أكثر ولم يكن هدفها إصابة الطائرات فضلاً عن اسقاطها. تصوروا يرحمكم الله أن الطائرات الصهيونية أقلعت من فلسطين المحتلة وعبرت الأجواء اللبنانية ودخلت حمص ووصلت إلى تدمر ومن ثم الأردن وهي في طول هذا الترحال تحت نظر ورحمة المضادات الأسدية ولم تستهدف أو تسقط وكان احتمال اصابتها يقدر بـمئة في المئة.
الثابت الوحيد في القصة أن طائرات صهيونية قطعت مساحات واسعة جداً ذهاباً واياباً قصفت أهدافها وقتلت من فيها، ورجعت لمواقعها، سالمة ام غير سالمة لست اعرف لأن الطرفين أكذب من بعضهما.
الأستانة الحاضر القريب
قد يكون فيه شيء من منطق قرار وفد الفصائل عدم حضور جولة جديدة من نقاشات الأستانة العبثية، بسبب تملص روسيا من كافة ما تعهدت به.
يمكننا أن نضيف سببا آخر استهزاء زاخاروفا، بمطالب وفد الفصائل والاستخفاف بها، يستنتج هذا الاستخفاف من تصريحات وزير الخارجية الروسي «لافروف» الذي علق على امتناع الوفد من الحضور بالقول إنه مجرد سوء تفاهم بوجهات النظر، وحقيقةً هذا قمة الاستخفاف والسخرية، اعتراض وفد الفصائل على تهجير روسيا لأهالي حي الوعر والمطالبة بإلغاء اتفاق الإذعان هو برأي موسكو مجرد وجهة نظر يجوز الاختلاف فيها فقط قمة الانحطاط الأخلاقي والإنساني والاستهتار بوفد الفصائل .
وراء الأكمة ما وراءها
وصلني علم ظن لاشك أنه مصيب ، أن انقرة أرادت أن ترسل رسالة من خلال عدم حضور الفصائل إلى الأستانة، مفادها ان أنقرة ممتعضة جداً من تملص موسكو من تعهداتها، والأهم من هذا خداعها لأنقرة وطعنها بالظهر من خلال توافقها مع عصابات سوريا الديمقراطية ذلك بأن سلمت تلك العصبة المارقة ضواحي منبج وما حولها لتنظيم بشار الأسد، لتمنع تقدم درع الفرات المدعومة تركيا إلى منبج ، وقطع الطريق على إقامة مناطق آمنة كما تطمح تركيا وعصفور آخر منع تعزيز قوات الجيش الحر شمال سوريا مما يقلق تنظيم الأسد الذي تخوض روسيا معاركه لأجل الحفاظ على تنظيمه.
القيصر كسب ثلاثة عصافير بحجر من شجرة السلطان
تقاربت مع الأمريكان في منبج من خلال دعم القتلة المأجورين سوريا الديمقراطية، ضرب مخططات تركيا في المناطق الآمنة، عدم السماح بتمدد الجيش الحر وتشكيلة قُوَّةٌ ضاغِطَة قد تستغل لاحقاً ضد تنظيم الأسد.
الأمر الذي اقلق تركيا ودفعها لعرقلة حضور وفد الفصائل الأستانة كتعبير عن امتعاضها.
هذا ما يمكن أن نستشفه ايضاً من تصريحات ماريا زاخاروفا إن قرار ممثلي المعارضة بمقاطعة أحدث جولات محادثات السلام في الأستانة كان مبادرة من طرف ثالث.
مباحثات الأستانة ولدت ميتة منذ بدايتها لأنها قامت على خلفية إسقاط مدينة حلب بيد «الاحتلال» الروسي، بعد عملية تفاهم قيصرية بين موسكو وأنقرة بموجبها رسمت خريطة طريق روسية تركية تحجم دور تنظيم «سوريا الديمقراطية» لصالح تركيا مقابل أن تتخلى انقرة عن فكرة رحيل الأسد والاكتفاء بتقليم أظافر التنظيمات الكُردية وليس اقتلاعها.
تركيا اليوم تجد نفسها في مأزق في مدينة منبج أوقعتها فيه تفاهماتها غير ناضجة مع موسكو وبات موقف تركيا ضعيفاً لدرجة أنها لم تستطع أن تجعل روسيا تلتزم بما تم التوافق عليه بين البلدين وبالتالي أصبح موقف الفصائل المعارضة أضعف نتيجة للضعف التركي.
بديل لجنيف
كل ما أرادته موسكو من الأستانة تسويقها منصة بديل عن جنيف أو شريك متضامن لها، هذا ما تم وحصلت عليه رسميا بعد تحويل بعض الملفات من جنيف إلى الأستانة «المعتقلين وتثبيت وقف إطلاق النار»، مفيدا بأن موسكو تأمل في شق صفوف الفصائل المسلحة غير المترابطة.
مقاطعة المعارضة لمباحثات الأستانة ثلاثة، لن يكون لها أي أثر على مباحثات جنيف خمسة لأن القائمين على جنيف والأستانة يدورون بفلك واحد ضحيته الثورة السورية، وديمستورا مستمر في محاباة الروس وسيدعو لعقد جنيف بفصل آخر ربما بمن حضر، وفي حال تجرأت المعارضة وتغيبت ستصبح معرقلة للسلام.
الحقيقة أن المعارضة باتت الحلقة الأضعف ومجرد فاصلة على هامش الأحداث وما يخطط له دولياً.
المصدر : القدس العربي