من بعد حادثة القتل القذرة التي حصلت في مدينة سكاريا وراح ضحيتها المرأة السورية ورضيعها أريد التحدث قليلاً عن سوريا والسوريين.
قبل 100 عام كان هنالك زاوية لها قدسيتها لمدى 400 عام في وطننا واسمها سوريا حيث أنه العديد منا لديه أجداد وجدات كانوا قد ولدوا في دمشق وحلب وبيروت.
والمدينة التي يقول لها العرب “دمشق” وباللغة اللاتينية “داماسكوس” نحن نقول لها “شام” ولكن في الحقيقة كلمة الشام هي في الاساس جميع سوريا وتشمل جغرافيا كبيرة تضم الأردن ولبنان وفلسطين ويقال لها بلاد الشام ولكن نحن لطالما قلنا لدمشق “شام” أو “شام شريف”.
والسوريون القادمون من مدينة دمشق يفرحون عندما يسمعون كلمة “شام شريف” حتى أن أكثرهم عند سؤالهم من أين أنت يقول لك أنا من “شام شريف ” حتى أنهم قد كتبوا هذه العبارة على لوحات المحلات التي فتحوها هنا.
يقال أنه يعيش في بلدية الفاتح بمدينة اسطنبول 300 ألف أخ سوري من الـ 3 مليون الذين أتوا إلى تركيا حتى أنه في حال الذهاب إلى شارع “فوزي باشا” فمن الصعب جداً أن تحصي عدد السوريين الذين من الممكن أن تراهم هناك وثلث الكلام الذي يسمع هنالك هو باللغة العربية.
بشكل عام إن إخواننا السوريين هم أناس نظيفين لأبعد الحدود ولديهم نزاهة عالية وينتبهون جيداً لعدم إزعاج أحد وقد اختار الملتزمون دينياً منهم العيش في منطقة الفاتح، أما عن أصحاب الاموال المدللين الذين أرادوا لأنفسهم حياةً تشبه حكايات “ألف ليلة وليلة” فقد اختاروا العيش في منطقة “نيشان تاشي” و “عثمان بي”.
ولولا ما تم تفهيمه للجيل الجديد من قبل الأنظمة العلمانية العربية التي حكمت سوريا وبالأخص عن زمن حكومة “الاتحاد والترقي” التي حكم فيها جمال باشا سوريا وترك لديهم ذكريات دموية من طريقة حكمه الديكتاتورية في زمن الحرب العالمية الأولى فليس هنالك ما يفسد هذه الأخوة المستمرة منذ قرون.
في أحد المرات قال لي رجل سوري قد تجاوز السبعين من عمره بكل حماس أن قبر جده يقع في مقابر الشهداء بمنطقة “إيديرنا كابي” وأن جده قد أتى من مدينة دير الزور للدفاع عن مدينة اسطنبول وقلت عندها أنه ليس هنالك أحد يستحق أن يكون اسطنبولي أكثر من هذا الأخ.
فهل علينا أن نصدق الحدود الجغرافية التي وضعتها القوى الاستعمارية أم نصدق حدود قلبنا الأساسية.
ولكن هنالك أشخاص انزعجوا من تواجد السوريين في بلدنا وبدأوا باستغلال وضعهم للوصول لمكاسب سياسية وعلى رأسهم زعيم المعارضة “كلتشدار أوغلو” وعلى الرغم من ذلك فقد قال أردوغان عند الاستفتاء الشعبي أن السوريون لا يمكنهم التصويت.
قبل ثلاثة أشهر تشاجر شخصان في مدينة أورفا وأوضح الذي تم الاعتداء عليه أن من ضربه كان شخصاً سورياً فتم بنفس اللية تخريب عشرات المحلات العائدة ملكيتها لسوريين وفي صباح اليوم الثاني أعلن أن الشخص الذي اعتدى ليس بسوري.
وقد شهدت العديد من المدن مثل عنتاب وكلس ومراش عدة اتهامات باطلة وكاذبة مماثلة للحادثة السابقة.
ولننظر ما الذي قاله رائد الفضاء محمد فارس الذي هو عضو في المنظمة التي أسسها السوريون في تركيا وحملت اسم ” اللمة السورية ” “نحن هنا نبحث عن إخواننا فالشعب التركي وقف بجانبنا وكان لنا كالأبناء والإخوان وهناك من يحاول تحريض الأتراك ضد السوريين ولكن نحن واعون تجاه هذه البروباغندا وأن الذي يحصل في بعض المناطق هو شيء مؤقت ولن يضر بعلاقتنا”.
فيما قال رئيس منبر الجمعيات السورية باسل هيلم “وفقاً لما بين يدينا من معلومات ووثائق هنالك عملاء تابعين لنظام الأسد هدفهم إثارة الناس ضد السوريين ويريدون كسر أواصر الأخوة عبر إلحاق الضرر بالبلد الوحيد الذي استضافنا”.
وهناك صديق لي وهو شاعر واسمه محمد ياووز من مدينة ماردين يقول “هل بإمكانكم أن تتخيلوا لو أن الأنصار ضاعفوا أجار بيوتهم ثلاث أضعاف عندما استقبلوا المهاجرين ولو أن التجار من الأنصار جعلوا المهاجرين يعملون مقابل ثلاثة قروش وعاملوهم كما تُعامل الكلاب، ومن ثم قالوا أن المهاجرين قد ملؤوا أرجاء البلاد وقد مللنا منهم.
أنتم على حق فقد أصبحت اليد العاملة السورية رخيصة جداً وقد تم إعادة طلاء الملاجئ والأقبية المليئة بالعقارب وتأجيرها للسوريين ب 900 ليرة تركية، ونساؤهم اللواتي فقدن رجالهن يبيعون الحليب والمناديل ونحن ماذا فعلنا قد أعطيناهم ملابسنا القديمة النتنة “.
فبسبب الطغاة والظلام الذين بيننا وبين الذين هم أقل درجة من الحيوان جعلونا نستحي من أنفسنا فلا تؤاخذوننا يا إخواننا السوريين.
صحيفة ستار ، ترجمة وتحرير وطن اف ام
