يواصل فلاديمير بوتين إلقاء القنابل الدخانية في وجه رجب طيب اردوغان، الذي رد على إتهامه بأن عائلته تستفيد من تجارة النفط على خطوط خلفية مع “داعش” بالقول :
“نحن نتصرف بصبر لا بعاطفة، ولكن حال إثبات حصول أمر كهذا لن أبقى في منصبي، وأقول لبوتين هل تبقى في منصبك في حال ثبوت كذب هذه المزاعم” ؟
ولكن لا السلطان التركي يمكن ان يستقيل ولا القيصر الروسي يمكن ان يتنحى، وهكذا إذا كانت الديوك لا توقف الصياح قبل ان يتبيّن الخيط الابيض من الخيط الاسود، فإن خيوط النفط الأسود الذي ينتجه التنظيم الارهابي لن تتبيّن ولو سطعت الشمس، وخصوصاً الآن بعد التقارير التي تحدثت عن ان نفط “داعش” بات يشكّل سوقاً سوداء تصل شرايينها الى دول اوروبية وان النظام السوري وتجاراً روساً أيضاً منخرطون فيها، وليس من الواضح ما اذا كانت تمر ليلاً عبر الطرق التركية على ما تقول البيانات الروسية.
والمثير ان باراك أوباما يتجاوز كل هذا الضجيج النفطي ليوجه النصائح الى كل من أردوغان وبوتين، داعياً إياهما الى التركيز على العدو المشترك أي تنظيم “الدولة الاسلامية”، وهو ما يدفع المراقب الى التساؤل، ولكن متى ركّزت اميركا فعلاً على هذا التنظيم، خصوصاً انها تقود تحالفاً دولياً من 64 دولة لمحاربته، تم تشكيله قبل 16 شهراً وتحديداً في آب من العام الماضي؟
لا داعي للبحث عن أجوبة فهذه المستنقعات الدموية والرمال الإرهابية المتحركة الممتدة من شرق سوريا الى وسط العراق، ستظل في نظر أوباما تمثل “مصيدة ممتازة” لـ”داعش” وللروس ايضاً، والدليل قوله قبل اسبوعين رداً عن سؤال انه لا يملك استراتيجية في مواجهة الإندفاعات الجيوسياسية التي يمضي بها بوتين من أوكرانيا الى سوريا:
“اذا كانت الاستراتيجيا تعني ان تدمر اقتصادك وان ترسل ابناءك للقتال في سوريا فهذه ليست استراتيجيتي” .
لا يكتفي بوتين بالعقوبات الاقتصادية في حق تركيا وهو ما سيرتد سلباً أيضاً على الاقتصاد الروسي، بعد العقوبات الغربية رداً على اندفاعاته في القرم وأوكرنيا، بل يحاول ان ينفخ في نار الخلاف الذي برز بين اردوغان والجيش التركي فور إسقاط المقاتلة، عندما يعلن أنه تلقى تأكيدات من الجانب التركي أن قرار إسقاط الطائرة لم يتخذه اردوغان بل أشخاص آخرون؟
بوتين يريد الإيحاء الى القيادة العسكرية التركية ان اردوغان مصرّ على تحميلها المسؤولية، على رغم ان الجيش نشر بياناً يقول ان الأوامر جاءت من الحكومة، وإنه أسقط “طائرة مجهولة الهوية” لكن اردوغان إستعجل الاعلان “انها مقاتلة روسية”.
في أي حال، لن يؤدي التصعيد بين الديكين الروسي والتركي إلا الى تسعير القتال بين وكلائهما في سوريا.
المصدر : النهار