إدوارد دي بونو، الذي اشتهر بأبحاثه حول كيفية تأثير إفرازات جسم الإنسان على عواطفه وأفكاره، وأثبت بالتجارب كيف أن التعليم الذي يعتمد على الحفظ يؤدي بالإنسان إلى أن يستعمل مساحة أقل من دماغه، يشبّه العلاقة بين “الدولة” و”الحاكم” بالعلاقة بين “السيارة” و”السائق”.
يرى دي بونو، أن “قوة محرك السيارة وقدرة السائق على استعمال هذه السيارة هما شيئان مختلفان. عند الوصول إلى هذه النقطة، فإنه يجب الحديث عن الذين يبالغون في استخدام قوة الدولة التي يديرونها أو العربة التي يتولون قيادتها.. وأخذ بوتين رئيس روسيا الاتحادية كمثال على ذلك، لن يكون خطأ”.
لقد اعتلّت كيمياء جسمه
بوتين الذي يرى روسيا اليوم هي ذاتها الاتحاد السوفييتي أيام الحرب الباردة، ورط بلاده في فوضى الشرق الأوسط عن طريق تدخله في سوريا، وبدلا من أن ينقل شعبه إلى الرفاه والحرية، نقله إلى عواصف المغامرات العسكرية.
وأخيرا، فإن استهدافه لتركيا على أساس أنها العائق أمام أحلامه، التي يستحيل تحقيقها، فضح كيمياء إفرازاته الجسدية.
لائحة الأخطاء
لو أن بوتين حاول إعداد لائحة بالسائقين أو الحكام الذين فعلوا مثل هذه الأخطاء من قبل، ولو استطاع فعلا أن يتذكر الرئيس جونسون الذي جرّ أمريكا “القوة العظمى” إلى مستنقع فيتنام، ومن بعده الرئيس بوش الذي نقل البلاد إلى فوضى العراق وأفغانستان.. أو لو استطاع تحليل كيف أدت أزمة أفغانستان إلى انتهاء مبدأ بريجنيف أو كيف تحطم “الستار الحديدي” مع سقوط جدار برلين، لما دفع بروسيا اليوم نحو هذه الأزمات.
بدلا من التعاون
روسيا هي دولة تستطيع أن تكتسب عددا لا يحصى ولا يعد من الفوائد عن طريق التعاون مع جيرانها أو مع جميع دول العالم، من حيث إمكانياتها الاقتصادية أو كفاءاتها المدرّبة.
في الواقع، فإن التعاون في الفترة الأخيرة بين تركيا وروسيا في مختلف الجوانب، جلب العديد من النتائج الإيجابية لكلا الدولتين.
ولكن بوتين، وعن طريق جرّ بلاده إلى الأزمة السورية من أجل الحفاظ على بقاء الأسد الذي لم يعد مستقبله معروفا، قام بإعلان تركيا عدوا له.
مع تمنياتنا بالصبر وضبط النفس
اختار بوتين إفساد العلاقات بين بلاده وبين تركيا، وكأنه لم ير المرحلة التي جر اقتصاد البلاد إليها نتيجة “مغامرة أوكرانيا” التي واجه فيها أمريكا وجميع دول أوروبا. لم يكن من الضروري، إقحام بوتين لروسيا في الصراع السني-الشيعي القائم في الشرق الأوسط عن طريق تحالفه مع الأسد وإيران.
في هذه المرحلة، فإنه لا يسعنا إلا أن نتمنى الصبر للشعب الروسي وضبط النفس والتعقّل لبوتين..
المصدر : صباح التركية – ترجمة عربي 21