مقالات

سركيس نعوم – هل يقبل السوريّون رفعت الأسد بديلاً؟

بدأ أحد أبرز المسؤولين النافذين في تجمّع لغالبيّة المنظّمات اليهوديّة الأميركيّة اللقاء بأسئلة كثيرة عن “حزب الله” وعن أسلحته وإذا كان لا يزال يتلقّى أسلحة. فأجبتُ: لا أحد يعرف لكن إسرائيل تراقب ما يجري في سوريا ولبنان، كما تفعل ذلك دول أخرى.

وهي تضرب بين حين وآخر ما تقول أنه شحنات أسلحة لـ”الحزب” في أثناء نقلها لتخزينها داخل سوريا وفي لبنان، علماً أن “الحزب” في رأيي لا يحتاج إلى أسلحة لأن لديه منها الكثير. ربما هو يحتاج إلى ذخائر. علّق: “صحيح ما تقول. لكن هناك قطع غيار محدّدة يحتاج إليها “الحزب” لإبقاء صواريخه جاهزة للاستعمال”.

رددت: هذه القطع وغيرها قد تصل بوسائل أخرى متنوّعة. فالحدود مفتوحة وكل “الناس والجهات” مُخترقة. هل تعرف أن المتقاتلين في أثناء حروب لبنان كانوا يوقفون إطلاق النار للتفاوض على تبادل تهريب ما يحتاجون إليه من سلاح وذخائر وغير ذلك في مقابل المال؟ ما رأيك في رئيس تركيا رجب طيّب أردوغان؟ سألتُ. أجاب: “رأيته وكانت لي جلسة معه. انه عثماني وطموحاته عثمانيّة. مع إسرائيل لم تجد حلاً لها مشكلاته كلّها. لكنه يقول إنه يعمل لحلّها. فسألتهُ: ألم تتوصّلوا إلى اتّفاق معها كما سمعنا أخيراً؟ وبحسب علمي كل مواد البناء التي تصل إلى غزّة من إسرائيل تستعمل في بناء الأنفاق. أجاب: “لأن ما عندهم في غزّة طرقات. وصادراتهم من الخضراوات وفي مقدّمها البندورة تحتاج إلى أنفاق”. فعلّقت ضاحكاً: أفهم أن تكون الأنفاق مع مصر من أجل المواد الغذائية ومنها البندورة والمحروقات والتهريب الذي تقوم بها المافيات. لكن الأنفاق موجّهة نحو إسرائيل، لماذا؟ طبعاً لم يجب الرئيس التركي عن ذلك”.

انتقل الحديث إلى سوريا وما يجري فيها منذ الـ 2011. فسأل: “هل يمكن بقاء الأسد؟”. أجبتُ: أميركا أوباما ليس عندها سياسة لسوريا واستراتيجيا للمنطقة كلّها. ردّ: “صحيح ذلك”. تابعتُ: كان رأيها في الماضي إبقاء الأسد وتغيير الذين من الحلقة الضيّقة حوله ملطّخة أيديهم بالدماء. كما كان رأيها أن إبداله ممكن بشخص آخر من طائفته قادر على الإمساك بالجيش والأجهزة الأمنية. ربما كان ذلك ليُقبل في حينه. لم يكن تنظيم “داعش” قد وُلد بعد أو بَرَز، وكان حجم القتل والدمار لا يزال مقبولاً. لكن بعد مئات الآلاف من القتلى والجرحى وملايين المهجّرين داخل سوريا وخارجها لا أعتقد أن السوريّين الثائرين وحلفاءهم سيقبلون هذا الأمر. علّق: “لكن هناك مرحلة انتقالية”.

رددتُ: ليست المشكلة في المرحلة الانتقالية إذ قد يقبلها معارضوه والثائرون عليه. لكنها في صلاحيّاته. إذ لا يُعقل أن يبقى مُمسكاً في المرحلة الانتقاليّة بالجيش والأجهزة ومدعوماً من عسكر “حزب الله” و”الجيش الإيراني” والميليشيات الشيعيّة العربيّة وغير العربيّة بترتيب من طهران وبدعم من روسيا. فأمر كهذا يعني أنه سيبقى ونظامه وطائفته حكّاماً لسوريا. وهذا لن يقبله سنّة سوريا وهم غالبيّة شعبها.

سأل: “هل يقبلون رفعت الأسد شقيق الرئيس الراحل حافظ الأسد وعمّ الرئيس الحالي بشار؟”

أجبتُ: أنت تعرف أن رفعت هو الذي قاد عملية حماه عام 1982 التي “انتهت” بقتل 20 إلى 30 ألف من السوريّين السنّة المنتمي قسمٌ مهمّ منهم إلى “الاخوان المسلمين”، والتي أنهت تمرُّد هؤلاء بعد سنتين من الملاحقات المستمرّة والبطش. فهل تعتقد أن سنّة سوريا سيقبلونه اليوم؟ كانت له علاقة جيّدة مع الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز. لكنه صار الآن في جوار ربّه. فضلاً عن أن الظروف تغيّرت.

علّق: “هو على اتصال معي وأراه بين حين وآخر. كنت سألتقيه مؤخّراً لكنه دخل المستشفى. لم أشأ زيارته هناك لأنّه مُراقب دائماً على رغم إلحاحه. لا أعتقد أنه سياسي. ولا أعتقد أن بشّار يقبل به ولا حتى العلويّون على وجه الإجمال”.

قلتُ: في رأيي التوصّل إلى حل في سوريا ولأزمتها وحربها الأهليّة لن يتمّ في سرعة.

ردّ: “يحتاج إلى Decade أي عقد من الزمن (10 سنوات) على الأقل”. علّقتُ: في هذه الأثناء أعتقد أن ما سيحصل هو تقسيم واقعي لسوريا في انتظار الحلول الجدّية والنهائيّة. وفي أي حل موقّت نهائي أشك في أن تكون هناك سيطرة للأقليّة الحاكمة على سوريا كلّها.

العلويّون سيحكمهم الأسد وربما غيره لاحقاً. أمّا المناطق السنيّة فستتقاسمها التنظيمات المسلّحة. كما ستكون للأكراد منطقة حكم ذاتي. بماذا علّق احد أبرز المسؤولين النافذين في تجمّع لغالبيّة المنظّمات اليهوديّة الأميركيّة؟

المصدر : النهار 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى