استدعاء تنظيم القاعدة لنجل أسامة بن لادن، حمزة، في تسجيل صوتي بعنوان “القدس عروستنا ومهرها دمنا”، بمثابة ورقة يحاول من خلالها زعيم “القاعدة” الحالي، أيمن الظواهري، تحقيق أكثر من هدف في ظل الأزمة الكبيرة التي تحيط بتنظيمه.
الشريط تضمن خطابا لحمزة (ابن الـ25 عاما)، يؤكّد فيه على أولوية العداء للولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، ويطالب بإعداد جيش تحرير فلسطين. ثم يدعو الجماعات الإسلامية المقاتلة في سوريا للتوحد في مواجهة اللحظة الراهنة الصعبة.
الهدف الأول من الشريط يتمثل في التأكيد على شرعية القيادة الحالية للقاعدة واستمرارها على نهج أسامة بن لادن، في مواجهة تنظيم “داعش” الذي تمكّن من سحب البساط بصورة كبيرة من تحت أقدام “القاعدة”، والذي شكّك الناطق باسمه، أبو محمد العدناني، بمدى التزام قاعدة الظواهري بقاعدة بن لادن!
“القاعدة” أرادت عبر حمزة القول إنّها هي القاعدة نفسها، وما تزال على نهج ابن لادن وخطاه، وأنّ الذي انحرف وخرج عن الخط هو تنظيم “داعش”، وليس العكس!
بالرغم من ذلك، فإن من الواضح أنّ حمزة بن لادن نأى بنفسه تماما عن الخوض مباشرة في السجال بين الطرفين، أي “القاعدة” و”داعش”؛ إذ ركّز على أيديولوجيا “القاعدة” وأولوياتها، أي العدو البعيد، والاهتمام بسورية قبلة “القاعدة” الأولى اليوم، والدعوة إلى وحدة الفصائل الإسلامية.
من الطبيعي ألا يتورط الشاب الصغير، النجم الصاعد، حمزة في السجال الحالي، حتى لا يتم حرق الورقة المهمة من الاستخدام الأول، فهو أراد أن يحافظ على اسم والده أسامة بعيدا عن الصراعات الراهنة، وأن يبقى احتمالا مفتوحا ليكون وسيطا أو شخصا إجماعيا لاحقا لهذه الفصائل ولجيل الشباب الجديد.
الهدف الثاني من ظهور حمزة، هو محاولة استقطاب الشباب السعودي الجهادي، الذين يتجه أغلبه اليوم لتنظيم “داعش”، ويفضّله على “القاعدة”، مع تنامي الشعور في أوساط هذا الجيل بأنّ “القاعدة” حاليا تخضع لهيمنة الجناح المصري، سواء عبر الظواهري أو سيف العدل، وعدد من القيادات الأخرى، بينما اختفى تماما الحضور الخليجي على المستويات العليا في التنظيم.
“القاعدة” تريد جذب الشباب السعودي عبر تصعيد حمزة بن لادن، وتظهير دوره وتكثيف حضوره الإعلامي، وربما منحه -لاحقا- أدوارا قيادية في التنظيم، ما يعطيه زخما جديدا بعد أن تراجع حضوره في كثير من المناطق، وآخرها اليمن، بعدما خسر جزءا كبيرا من الأراضي التي سيطر عليها، وبعدما اختفى صف من القيادات المؤثرة والفاعلة في “القاعدة”، في أكثر من مكان، مثل أسامة بن لادن، وعطية الله الليبي، وناصر الوحيشي، وغيرهم.
والملحوظة الأخرى، على هامش هذا الشريط، تتمثّل في التزامن بين خطابه وخطاب الظواهري الأخير، بعنوان “انفروا إلى الشام”. فالأخير دعا إلى الذهاب إلى سوريا ووحدة الفصائل المقاتلة هناك، وكذلك فعل الأول، ما يعني أنّ “القاعدة” اليوم أصبحت تعوّل كثيرا على الساحة السورية بعد تراجعها في ساحات كثيرة.
ما هو أهم من هذا وذاك، أنّ قيادة “القاعدة” بدأت تشعر بالقلق الشديد مما يحدث في أفغانستان؛ فالصراع بين أجنحة “طالبان” متنام، ومقتل قائد طالبان، أختر منصور، الذي بايعه الظواهري، يحمل دلالات مهمة، في مقدمتها بروز خلاف داخل “طالبان” على دور باكستان، التي احتجت على الغارة الأميركية، وكشفت النقاب عن أنّ منصور قتل بعد دخوله أفغانستان قادما من إيران، ورفعت -أي باكستان- مسؤوليتها عن اغتياله، بل كانت تعتبره حليفا لها داخل الحركة.
القلق على مصير قيادة “القاعدة” في أفغانستان، وعدم الأمان في باكستان، والتقهقر في ساحات كثيرة، يجعل من سوريا احتمالا رئيسا لتكون ملجأ “القاعدة” في المرحلة المقبلة.
المصدر : الغد الأردنية