هل كان من الضروري ان ينهي جون كيري عهد باراك أوباما بنكتة تدعو الى البكاء، عندما يقول “إن على روسيا ان تفهم ان صبرنا ليس بلا حدود، وفي الواقع انه محدود جداً في ما يتعلق بمعرفة ما اذا كان بشار الأسد سيحاسب أم لا”!
صبر واشنطن محدود جداً؟
يا لسخرية أيوب حيال هذا الصبر، الذي يذكرنا بأن سياسة واشنطن حيال الأزمة السورية، تعمل وفق القول سأصبر حتى يتعب الصبر مني، ذلك ان صبر الإدارة الأميركية تجاوز في خمسة أعوام من الكوارث الدموية التي أغرقت سوريا، كل الحدود المعقولة للصبر، لهذا يبدو كلام كيري مجرد نكتة تدعو فعلاً الى الرثاء!
ليست هذه المرة الأولى التي نسمع كلاماً اميركياً عن الصبر، ففي ١٧ حزيران من العام الماضي قال كيري إن غالبية الهجمات الكيميائية في سوريا، نفذها نظام بشار الأسد و”ان صبر الجميع بدأ ينفد”.
لكن ينابيع هذا الصبر لا تنضب في واشنطن، والدليل ان اوباما قال في السادس من أيار من عام ٢٠١٣، بعد لقائه أردوغان إن على الأسد الرحيل وان إستعماله السلاح الكيميائي خط أحمر ولن نصبر على هذا بل سنتّخذ التدابير الضرورية سواء أكانت ديبلوماسية أم عسكرية!
لكنه بعد مذبحة الغوطتين بالكيميائي لحس تهديداته وحدود صبره، لهذا ليس مفهوماً الآن كيف ولماذا يتحدث كيري عن صبر واشنطن المحدود جداً [لاحظ كلمة جداً]، وخصوصاً إذا تذكرنا الوثيقة التي نشرتها “الاسوشيتدبرس” في ٦ كانون الثاني الماضي عن جدول زمني داخلي للمسؤولين الأميركيين الذي يهتّمون بالملف السوري، يحدد ١٧ آذار من السنة المقبلة ٢٠١٧ موعداً لرحيل الأسد، أي بعد شهرين من مغادرة أوباما وكيري البيت الأبيض!
من أين يأتي كيري بالحديث عن صبر أميركي محدود جداً حيال محاسبة الأسد، وخصوصاً عندما يوجّه الكلام الى روسيا التي يريدها ان تفهم هذه المحدودية، في حين ان فلاديمير بوتين يعرف جيداً انه دفع الإدارة الأميركية الى الرقص على انغامه في سوريا منذ لحس أوباما تهديداته بعد مجزرة الكيميائي، ثم كيف يتحدث كيري عن الصبر وفي سياق تهديدي، وقت يعرف بوتين والأسد ان إدارة أوباما ليست في السبات الإنتخابي فحسب، بل انها باتت غير قادرة على إتخاذ اي إجراء قد يلزم الإدارة الجديدة!
لست أدري اذا كان كيري يعرف ان قبر النبي أيوب الذي إرتبط الصبر بإسمه دائماً، موجود في قرية الشيخ سعد جنوب بلدة نوى في محافظة درعا السورية التي إنطلقت منها الأنتفاضة السورية، ولكن عليه ان يتذكّر على الأقل ان الصبر المحدود جداً لا يستمر خمسة أعوام فاضحة جداً!
المصدر : النهار