لم يمض شهر واحد على حادثة تحطم طائرة الركاب الروسية فوق منطقة سيناء المصرية، حتى تلتها حادثة إسقاط المقاتلة الروسية سوخوي 24 بنيران تركية. وقد تسببت الحادثة الأولى في مغادرة السياح الروس للمنتجعات المصرية، بينما أدت الثانية إلى إغلاق المصايف التركية في وجههم.
وعقب إسقاط طائرة سوخوي بدأت موسكو فورا حربا اقتصادية على تركيا، وشكلت السياحة إحدى أهم أدواتها، فقد وجه وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف تحذيرا لمواطنيه من السفر إلى تركيا بسبب وجود مخاطر من تعرضهم لهجمات إرهابية على حد قوله، تلاه توقيع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوما يفرض قيودا على السياحة في الأراضي التركية.
وأعلن الاتحاد الروسي لوكالات السياحة عن وقف بيع الرحلات لتركيا، وإلغاء حجوزات عطلات رأس السنة، كما يجري تنفيذ خطة عاجلة لإعادة السياح الروس الموجودين في تركيا.
وقالت المتحدثة باسم اتحاد شركات السياحة الروسية إيرينا تورينا إن قرابة 15 ألف سائح روسي يوجدون حاليا في تركيا، بالإضافة إلى إتمام حجوزات لقرابة عشرة آلاف شخص لقضاء عطلات رأس السنة الميلادية.
قصة روسي
يقول المواطن الروسي سيرغي ليفانوف إن الأمور “تبعث على الضحك، فقد كنت أنوي السفر إلى مصر مع أسرتي لقضاء عطلة الشتاء، وبعد سقوط طائرة الركاب قررنا الذهاب إلى تركيا، والبقية تعرفونها.. لن نذهب هذا العام إلى أي مكان”.
وقد أدت الأزمات المتوالية من ناحية إلى تقليص الخيارات أمام السياح الروس وحرمتهم من وجهاتهم المفضلة، ومن ناحية أخرى كبدت قطاع السياحة الروسي خسائر كبيرة.
وعبرت المديرة العامة لشركة بيغاس السياحية أنا بادجورنايا عن أسفها لما وصلت إليه الأوضاع في قطاع السياحة بعد قراري حظر السفر إلى مصر وتركيا، إذ إن العديد من الشركات الروسية تعتمد على هاتين الوجهتين حصريا.
غياب البدائل
وأضافت بادجورنايا أنه من الصعب تخيل نشاط قطاع السياحة دون الوجهة التركية، خاصة أن تركيا كانت تشكل البديل الأمثل بعد إغلاق بوابة السياحة في مصر لأنها الوجهة الوحيدة القادرة على استيعاب أعداد كبيرة من السياح حتى في فصل الشتاء، مع توفير خدمات فندقية راقية تتضمن مسابح مغطاة ومراكز للرياضة والاستجمام.
وتسعى شركات السياحة الروسية إلى إيجاد بدائل لمصر وتركيا، ولكنها تواجه مشاكل عديدة من أبرزها البعد الجغرافي وارتفاع الأسعار ومحدودية طاقة الاستيعاب. وأضافت بادجورنايا “بعد وقف بيع الرحلات إلى تركيا نقترح حاليا بدائل إلى دول جنوب شرق آسيا مع دفع الفروقات في الأسعار”.
وبالحديث عن الخسائر التي تتكبدها الشركات السياحية الروسية، قالت المتحدثة نفسها إن السياحة التركية والمصرية تشكل نصف إجمالي السياحة الروسية في الخارج، مما يعني أن تمديد الحظر على هاتين الوجهتين سيضع شركات السياحة الروسية في مواجهة تحديات خطيرة، بالإضافة إلى الإضرار بالمناخ السياحي العام.
وتشير إحصائيات العام 2014 إلى أن تركيا استقطبت 3.3 ملايين سائح روسي، في حين استقطبت مصر 2.6 مليون. وفي الصيف الماضي وحده قضى قرابة مليون سائح روسي إجازاتهم وعطلاتهم في تركيا.
أمد الأزمة
وأضافت مديرة شركة بيغاس أن القطاع السياحي الروسي تلقى ضربة قوية، غير أنها تعتقد بأن الأزمة الحالية لن تطول بسبب ارتباط القطاع السياحي بشكل قوي بتركيا، وأعربت عن أملها بأن تفي الحكومة الروسية بتعهدها فيما يخص تعويض الشركات السياحية في الخسائر التي تلحق بها.
وكانت تتيانا نسترنكو نائبة وزير المالية الروسي قد صرحت بأن لدى موسكو ما يكفي من الأموال لتعويض خسائر شركات السياحة والسفر. ومن جهة أخرى كلف رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيدف نائبه أركادي دفوركوفيتش بالعمل سريعا من أجل تعويض خسائر الشركات الروسية الناتجة عن فرض عقوبات على أنقرة.
المصدر : الجزيرة